وأنظر كيف ينفى القرآن أنه شعر وأن الرسول شاعر فيقول : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ* لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ).
وتأمل ما جاء فى صحيح مسلم وغيره من أنه صلىاللهعليهوسلم أبى على عائشة أم المؤمنين أن تقول فى شأن صبى من الأنصار جىء به ميتا ليصلى عليه : طوبى لهذا لم يعمل شرا.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلقها لهم وهم فى أصلاب آبائهم. وخلق النار وخلق لها أهلا ، وخلقها لهم وهم فى أصلاب آبائهم». مع أن أطفال المسلمين يعلم الله أنهم فى الجنة ، لكن توقف الرسول وإباءه على عائشة أن تقول هذا ، كان قبل أن يعلمه الله ذلك. فلم يسمح لها أن تسير مع الوهم أو الظن ما دام الأمر غيبا ، ولا يعلم الغيب إلا الله.
وتدبر ما رواه البخارى من أنه لما توفى عثمان بن مظعون رضى الله عنه قالت أم العلاء ـ امرأة من الأنصار ـ رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتى عليك لقد أكرمك الله فقال صلىاللهعليهوسلم : وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقالت : بأبى أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ قال : أما هو فقد جاءه اليقين. والله إنى لأرجو له الخير. والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يفعل بى. قالت فو الله لا أزكى أحدا بعده أبدا وكذلك يقول القرآن الكريم : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ. وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ. إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ. وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ).
فهل يعقل أن يقاس صاحب هذه الدقة البالغة والتثبت الدقيق بفتاة خفيفة سابحة فى أوهامها غريقة فى أحلامها؟!
(رابعها) أن تلك الفتاة : جان دارك ، لم تأت ولا بدليل واحد معقول على صدق أوهامها وتخيلاتها التى تزعمها وحيا وحديثا من الله إليها. لكن محمدا صلىاللهعليهوسلم له على وحيه