(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ. وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ. ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ. قاتَلَهُمُ اللهُ ، أَنَّى يُؤْفَكُونَ)؟ فصدر هذه الآية وهو جملة (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) يتضمن من وقائع التاريخ وحقائق العلم ، أمرا لم يكن أحد يعرفه على وجه الأرض فى عصر نزول القرآن.
ذلك أن اسم عزيز ، لم يكن معروفا عند بنى إسرائيل إلا بعد دخولهم مصر واختلاطهم بأهلها واتصالهم بعقائدها ووثنيتها. واسم عزيز هو (أوزيرس) كما ينطق به الإفرنج أو (عوزر) كما ينطق به قدماء المصريين ، وقدماء المصريين منذ تركوا عقيدة التوحيد وانتحلوا عبادة الشمس ، كانوا يعتقدون فى عوزر أو أوزيرس أنه ابن الله. وكذلك بنو إسرائيل فى دور من أدوار حلولهم فى مصر القديمة ، استحسنوا هذه العقيدة عقيدة أن أوزيرس ابن الله. وصار اسم أوزيرس أو عوزر (عزير) من الأسماء المقدسة التى طرأت عليهم من ديانة قدماء المصريين. وصاروا يسمون أولادهم بهذا الاسم الذى قدسوه كفرا وضلالا. فعاب الله عليهم ذلك فى القرآن الحكيم ، ودلهم على هذه الوقائع من تاريخهم الذى نسيه البشر جميعا. إن اليهود لا يستطيعون أن يدعوا فى وقت من الأوقات أن اسم عزيز كان معروفا عندهم قبل اختلاطهم بقدماء المصريين وهذا الاسم فى لغتهم من مادة (عوزر) وهى تدل على الألوهية ، ومعناه الإله المعين وكانت بالمعنى نفسه عند قدماء المصريين فى اسم عوزر أو أوزيرس الذى كان عندهم فى الدهر الأول بمعنى الإله الواحد ، ثم صاروا يعتقدون أنه ابن الله عقب عبادتهم للشمس. واليهود أخذوا منهم هذا الاسم فى الطور الثانى عند ما كانوا يعتقدون أن أوزيرس ابن الله.
فهذا سر من أسرار القرآن ، لم يكتشف إلا بعد ظهور حقيقة ما كان عليه قدماء المصريين فى العصر الحديث. وما كان شىء من ذلك معروفا فى الدنيا عند نزول القرآن! حتى إن أعداء الإسلام كانوا يصوغون من جهلهم بهذه الحقيقة التاريخية شبهة يلطخون بها وجه الإسلام ويطعنون بها فى القرآن ، فقال اليهود منهم : إن القرآن يقولنا ما لم نقل