إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ ، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ، وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ* يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ، وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ويقول : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ، فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً* أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ ؛ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) إلى غير ذلك وهو جد كثير.
٢ ـ وصل اليهود بعد موسى فعبدوا بعلا ، وزعموا فى عهد من عهودهم ما زعمت النصارى من أن لله ابنا ، وشبهوا الله تعالى بالإنسان فنعتوه بأنه تعب من خلق السموات والأرض فاستراح يوم السبت ، وركبوا رءوسهم فقالوا إنه سبحانه ظهر فى شكل إنسان وصارع إسرائيل فلم يقدر على التفلت منه حتى باركه فأطلقه. إلى غير ذلك من أغلاطهم وفضائحهم.
٣ ـ وضل النصارى بعد عيسى ، فذهبوا إلى عقيدة معقدة من التثليث وصارت كنائسهم من عهد قسطنطين كهياكل الوثنية الأولى وخلعوا على رجال كهنوتهم ما هو حق الله وحده من التشريع والتحليل والتحريم ، حتى تعزى بهم وثنيو العرب ورأوا أنهم أمثل من هؤلاء المسيحيين فى الوثنية ، (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَقالُوا : أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟) ثم احتجوا على شركهم بأنهم ما سمعوا دعوة التوحيد الذى جاء به الإسلام فى الملة الآخرة ، (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ ، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ* ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) أى النصرانية.
٤ ـ فانظر مدى البون الشاسع بين الحق الذى جاء به القرآن فى هذا الباب ، وبين الباطل الذى جاء به هؤلاء وهؤلاء! على أن كتاب الله لم يكتف بذلك ، بل رد على أولئك المبطلين ببراهينه الساطعة وأدلته القاطعة. استمع إليه وهو يقول : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ : أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). ويقول :