منهن ما طاب لكم. وقيل إن القوم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى ولا يتحرجون من الزنى ، فأنزل الله الآية. ومعناها : إن خفتم الجور فى حق اليتامى فخافوا الزنى أيضا ، وتبدلوا به الزواج الذى وسع الله عليكم فيه ؛ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع.
ومثال التشابه يقع فى المركب بسبب بسطه والإطناب فيه ، قوله جلت حكمته :
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فإن حرف الكاف لو حذف وقيل (ليس مثله شىء) كان أظهر للسامع من هذا التركيب الذى ينحل إلى : (ليس مثل مثله شىء) وفيه من الدقة ما يعلو على كثير من الأفهام.
ومثال التشابه يقع فى المركب لترتيبه ونظمه ، قوله جل ذكره (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) فإن الخفاء هنا جاء من جهة الترتيب بين لفظ (قيما) وما قبله. ولو قيل : أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا. لكان أظهر أيضا.
واعلم أن فى مقدمة هذا القسم فواتح السور المشهورة ، لأن التشابه والخفاء فى المراد منها. جاء من ناحية ألفاظها لا محالة.
(والقسم الثانى) وهو ما كان التشابه فيه راجعا إلى خفاء المعنى وحده ، مثاله كل ما جاء فى القرآن الكريم وصفا لله تعالى ، أو لأهوال القيامة ، أو لنعيم الجنة وعذاب النار فإن العقل البشرى لا يمكن أن يحيط بحقائق صفات الخالق ، ولا بأهوال القيامة ، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار. وكيف السبيل إلى أن يحصل فى نفوسنا صورة ما لم نحسه ، وما لم يكن فينا مثله ولا جنسه؟.
واعلم أن فى مقدمة هذا القسم المشكلات المعروفة بمتشابهات الصفات. فإن التشابه