وقد روى السيوطى هذا القول عن عكرمة وقتادة وغيرهما. وفيه أن ذلك قصر للمحكم على ما كان من قبيل الأعمال ، وقصر للمتشابه على ما كان من قبيل العقائد ، وإطلاق القول فيهما على هذا الوجه غير سديد. فإن أرادوا بالمحكم أنه هو الواضح الذى يؤخذ بمعناه على التعيين ، وبالمتشابه ما كان خفيا يجب الإيمان به دون تعيين لمعناه ، نقول : إن أرادوا ذلك فالعبارة قاصرة عن أداء هذا المراد ، والمراد منها لا يدفع الإيراد عليها.
(٢) ومنها أن المحكم ما كان معقول المعنى ، والمتشابه بخلافه ، كأعداد الصلوات ، واختصاص الصيام برمضان دون شعبان ، وفيه أن هذا التفسير قاصر عن الوفاء بكل ما كان واضحا وكل ما كان خفيا.
(٣) ومنها أن المحكم ما لم يتكرر لفظه والمتشابه ما تكرر لفظه ، وفيه أن هذا المعنى بالنسبة إلى المتشابه أقرب إلى اللغة منه إلى الاصطلاح الذى عليه الجمهور ، وفيه إهمال لما اعتبر هنا من أمر الخفاء والظهور.
(٤) ومنها أن المحكم ما لم ينسخ ، والمتشابه ما نسخ ، وفيه أن هذا اصطلاح آخر نوهنا به سابقا.
ونظرا إلى أن هذه الآراء أضعف من تلك الآراء التى قدمناها ، وأبعد عنها فى ملحظها ومغزاها ؛ أفردناها بالذكر ، ولم نسلكها مع تلك فى سمط واحد.
وعلى كل حال فالأمر سهل وهين ؛ لأنه يرجع إلى الاصطلاح أو ما يشبه الاصطلاح ، ولا مشاحة فى الاصطلاح. ولو لا أن تفسير آية آل عمران التى مرت فى كلامنا وكلام الطيبى ، لا يتمشى بسهولة على هذه الآراء المرجوحة ، لما أتعبنا أنفسنا فى مناقشتها ونقدها ، وفى اختيار رأى الرازى من بينها.