(ثانيها) أن الحديث بتمامه يفيد أن الناسخ هو آيات المواريث ، لا هذا الحديث. وإليك النص الكامل للحديث المذكور : «إن الله أعطى كل ذى حق حقه ، فلا وصية لوارث».
ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود فى صحيحه ، ونصه «عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية المواريث.
(الدليل الثالث) أن قوله سبحانه : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ. فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). منسوخ بقوله صلىاللهعليهوسلم : «خذوا عنى خذوا عنى. قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. والثيب بالثيب جلد مائة والرجم».
وقد ناقشه النافون (أولا) بأن الناسخ هنا هو آية الجلد وآية الشيخ والشيخة ، وإن جاء الحديث موافقا لهما.
(ثانيا) بأن ذلك تخصيص لا نسخ ، لأن الحكم الأول جعل الله له غاية هو الموت أو صدور تشريع جديد فى شأن الزانيات. وقد حققنا أن رفع الحكم ببلوغ غايته المضروبة فى دليله الأول ليس نسخا.
(الدليل الرابع) أن نهيه صلىاللهعليهوسلم عن كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطيور ، ناسخ لقوله سبحانه : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ ، أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ).
وقد ناقشه النافون بأن الآية الكريمة لم تتعرض لإباحة ما عدا الذى ذكر فيها ،