منها أن آية تقديم الصدقة أمام مناجاة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) منسوخة بقوله سبحانه : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ؟ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ). على معنى أن حكم الآية الأولى منسوخ بحكم الآية الثانية ، مع أن تلاوة كلتيهما باقية.
ومنها أن قوله سبحانه : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) منسوخ بقوله سبحانه : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) على معنى أن حكم تلك منسوخ بحكم هذه ، مع بقاء التلاوة فى كلتيهما كما ترى.
(٣) وأما نسخ التلاوة دون الحكم ، فيدل على وقوعه ما صحت روايته عن عمر بن الخطاب وأبى بن كعب أنهما قالا : «كان فيما أنزل من القرآن : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة اه. وأنت تعلم أن هذه الآية لم يعد لها وجود بين دفتى المصحف ولا على ألسنة القراء ، مع أن حكمها باق على إحكامه لم ينسخ.
ويدل على وقوعه أيضا ما صح عن أبى بن كعب أنه قال : «كانت سورة الأحزاب توازى سورة البقرة أو أكثر» مع أن هذا القدر الكبير الذى نسخت تلاوته لا يخلو فى الغالب من أحكام اعتقادية لا تقبل النسخ. ويدل على وقوعه أيضا الآية الناسخة فى الرضاع ؛ وقد سبق ذكرها فى النوع الأول.
ويدل على وقوعه أيضا ما صح عن أبى موسى الأشعرى أنهم كانوا يقرءون سورة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى طول سورة براءة ، وأنها نسيت إلا آية منها ، وهى : «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا. ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. ويتوب الله على من تاب.»