______________________________________________________
الثمانية ، من الاكتفاء بالثمانية الملفقة مطلقاً ، ولو بالنحو المذكور. ولا سيما بملاحظة ذيل موثق ابن مسلم : « عن التقصير. قال (ع) : في بريد. قلت : بريد؟ قال (ع) : إذا ذهب بريداً ورجع بريداً فقد شغل يومه » (١) فإنه ظاهر في أن المدار على شغل اليوم بالذهاب والإياب ولو مع اختلاف مسافتهما. ومثله في ذلك : التعليل في مصحح زرارة المتقدم الوارد في سفر النبي (ص) إلى ( ذباب ) (٢) ، وخبر إسحاق الوارد في منتظر الرفقة (٣) لكن لا يخفى أن التعليلات المذكورة وإن كانت حاكمة على نصوص الثمان ومقتضية لجواز التلفيق مطلقاً ، إلا أن الجميع مقيد بنصوص البريد ذاهباً وجائياً. والتعليلات المذكورة لا تصلح لتقديمها على نصوص البريد بل يجب حملها عليه حملا للمطلق على المقيد (٤). ولا سيما مع عدم إمكان
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة المسافر حديث : ٩.
(٢) تقدم ذلك في صدر التعليقة السابقة.
(٣) تقدم أيضاً في التعليقة السابقة.
(٤) وبعبارة أخرى : نصوص الثمانية ظاهرة في وجوب البعد ثمانية فراسخ ، ونصوص الأربعة ظاهرة في وجوب البعد أربعة فراسخ ، ونصوص التعليلات لما لم تكن في بيان تعليل الحكم في مقام الثبوت ، وإنما هي في بيان تعليله في مقام الإثبات ، لم تصلح للحكومة الا على نصوص الثمانية ، فتدل على أن المراد منها ما يعم الملفقة بنحو تشمل الأربعة ذهابا والأربعة إيابا. ولا تعرض فيها لإلغاء اعتبار البعد أربعة فراسخ لتكون حاكمة على نصوص الأربعة نعم إطلاق التلفيق يقتضي الاكتفاء بكون مجموع الذهاب والإياب ثمانية ، ولو كان أحدهما أقل من أربعة. لكن هذا الإطلاق مقيد بنصوص الأربعة ، بعد ما لم تكن له حكومة عليها ، حملا للمطلق على المقيد. نعم لو كان التعليل تعليلا للحكم في مقام الثبوت ، كان حاكماً على جميع نصوص التحديد ، ويكون المستفاد منه : كون المدار على الثمانية ولو ملفقة مطلقاً لكن عرفت أنه تعليل للحكم في مقام الإثبات ، وأن التقصير في البريد ذاهباً وجائياً تقصير في البريدين ، فإنما يتضمن إلغاء ظهور البريدين في الامتداديين ، وأن المراد بهما ما يعم الملفقين ، ولا تعرض فيه لإلغاء نصوص البريد ، فيجب العمل بها.
منه قدسسره