وقال أبو عبد الله القرطبيّ : اختلف العلماء في الأقراء ، فقال أهل الكوفة : هي الحيض ، وهو قول عمر وعليّ عليهالسلام وابن مسعود وأبي موسى ومجاهد وقتادة والضحّاك وعكرمة والسدّي وقال أهل الحجاز : هي الأطهار ، وهو قول عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت والزهري وأبان بن عثمان والشافعي.
قال مالك وجمهور أصحابه والشافعي وعلماء المدينة : إنّ المطلّقة إذا رأت أوّل نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة. وهو مذهب زيد بن ثابت وعائشة وابن عمر.
قال القرطبي : وبه قال أحمد بن حنبل. وإليه ذهب داوود بن عليّ وأصحابه.
قال : واحتجّ الكوفيّون بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة بنت أبي حبيش حين شكت إليه الدم : «إنّما ذلك عرق (١) ، فانظري فإذا أتى قرؤك (٢) فلا تصلّي ، وإذا مرّ القرء فتطهّري ثمّ صلّي من القرء إلى القرء».
قالوا : وهو قول عشرة من الصحابة منهم الخلفاء الأربعة ، وحسبك ما قالوا!
وقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) يريد : ثلاثة أقراء كوامل ، وهذا لا يكون إلّا على قولنا بأنّ الأقراء الحيض ، لأنّ من يقول : إنّه الطهر ، يجوّز أن تعتدّ بطهرين وبعض آخر ، لأنّه إذا طلّق حال الطهر اعتدّت عنده ببقيّة ذلك الطهر قرءا. وعندنا تستأنف من أوّل الحيض حتّى يصدق الاسم. فإذا الرجل المرأة في طهر لم يطأ فيه ، استقبلت حيضة ثمّ حيضة ثمّ حيضة ، فإذا اغتسلت من الثالثة خرجت من العدّة.
ثمّ أخذ في الردّ عليهم ، واختار أنّها الأطهار (٣).
***
وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي : الأقراء هي الأطهار. وبه قال ابن عمر وزيد وعائشة. وبه قال الفقهاء السبعة (٤). وفي التابعين : الزهريّ وربيعة. وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور وغيرهم.
__________________
(١) يعني دم الاستحاضة.
(٢) أي الوقت المعتاد لأيّام حيضها.
(٣) القرطبي ٣ : ١١٣ ـ ١١٧.
(٤) وهم عروة بن الزبير وسعيد بن المسيّب وأبو بكر بن عبد الله المخزومي وسليمان بن يسار وعبد الله بن عتبة وخارجة بن زيد والقاسم بن محمّد بن أبي بكر.