في الرحم كما زعموه.
قال : وإذ قد بيّنّا وقوع الاسم عليهما ، وبيّنّا حقيقة ما يتناوله هذا الاسم في اللغة ، فليدلّ على أنّه اسم للحيض لا للطهر في الحقيقة ، وأنّ إطلاقه على الطهر ـ فرضا ـ مجاز لا محالة. وإن كان ما قدّمناه من شواهد اللغة ، فيها الكفاية على أنّه حقيقة في الحيض ، لعدم انتفاء الاسم عنه. في حين انتفاء الاسم عن الطهر ـ كما في اليائسة والصغيرة ـ الأمر الّذي يدلّ على أنّه مجاز فيه ـ لو فرض الإطلاق عليه ـ.
وأضاف : أنّه لو كان اللفظ محتملا للمعنيين ، واتّفقت الأمّة على أنّ المراد أحدهما ، فلو تساوى الاحتمالان لكان الحيض أولى ، وذلك لأنّ لغة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وردت بالحيض دون الطهر :
[٢ / ٦٦٢٠] بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : «فإذا أقبل قرؤك فدعي الصلاة ، وإذا أدبر فاغتسلي وصلّي ما بين القرء إلى القرء».
فكان لغة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ القرء الحيض ، فوجب أن لا يكون معنى الآية إلّا محمولا عليه ؛ لأنّ القرآن لا محالة نزل بلغته ، وهو المبيّن عن الله ـ عزوجل ـ مراد الألفاظ المحتملة للمعاني ، ولم يرد لغته بالطهر ، فكان حمله على الحيض أولى منه على الطهر.
[٢ / ٦٦٢١] وروى بالإسناد إلى عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «طلاق الأمة ثنتان ، وقرؤها حيضتان» وفي رواية : «وعدّتها حيضتان».
وإذ قد ثبت أنّ عدّة الأمة حيضتان ، كانت عدّة الحرّة ثلاث حيض.
وهكذا ذهب في دلائله ، مناقشا دلائل الخصوم في إسهاب وتفصيل (١).
***
وقال شمس الدين السرخسيّ الحنفي : عدّة الّتي تحيض ثلاث حيض ، قال : وهذا عندنا. وعند الشافعي هي الأطهار. حتّى أنّ على مذهبه كما طعنت في الحيضة الثالثة يحكم بانقضاء عدّتها ، وعندنا ما لم تطهر منها لا يحكم بانقضاء العدّة.
قال : وأصل الخلاف بين الصحابة ؛ فقد روى الشعبيّ عن بضعة عشر من الصحابة الحبر فالحبر منهم ، أبو بكر وعمر وعليّ عليهالسلام وابن مسعود وأبو الدرداء وعبد الله بن الصامت وعبد الله بن
__________________
(١) أحكام القرآن ١ : ٣٦٤ ـ ٣٧١.