بن صالح. وقال ابن شبرمة : إذا انقطع من الحيضة الثالثة بطلت الرجعة ولم يعتبر الغسل (١). وقال مالك والشافعيّ : الأقراء الأطهار ، فإذا طعنت في الحيضة الثالثة فقد بانت وانقطعت الرجعة.
قال الجصّاص : قد حصل من اتّفاق السلف وقوع اسم الأقراء على المعنيين من الحيض والأطهار ، من وجهين : أحدهما أنّ اللّفظ لو لم يكن محتملا لهما لما تأوّله السلف عليهما ، لأنّهم أهل اللّغة والمعرفة بمعاني الأسماء ، وما يتصرف عليه المعاني من العبارات ، فلمّا تأوّلها فريق على الحيض ، وآخرون على الأطهار ، علمنا وقوع الاسم عليهما.
ومن جهة أخرى : أنّ هذا الاختلاف قد كان شائعا بينهم مستفيضا ولم ينكر واحد منهم على مخالفيه في مقالته ، بل سوّغ له القول فيه ، فدلّ ذلك على احتمال اللّفظ للمعنيين وتسويغ الاجتهاد فيه.
ثمّ لا يخلو من أن يكون الاسم حقيقة فيهما أو مجازا فيهما أو حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر ، فوجدنا أهل اللغة مختلفين في معنى القرء في أصل اللّغة ، فقال قائلون منهم : هو اسم للوقت :
حدّثنا بذلك أبو عمرو غلام ثعلب عن ثعلب أنّه كان إذا سئل عن معنى القرء ، لم يزدهم على الوقت. وقد استشهد لذلك بقول الشاعر :
يا ربّ مولى حاسد مباغض |
|
عليّ ذي ضغن وضبّ فارض |
له قروء كقروء الحائض |
يعني : وقتا تهيج فيه عداوته [كما للحائض وقت تهيج فيه عادتها]. وعلى هذا تأوّلوا قول الأعشى :
وفي كلّ عام أنت جاشم غزوة |
|
تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا |
مورّثة مالا وفي الحيّ رفعة |
|
لما ضاع فيها من قروء نسائكا |
يعني وقت وطئهنّ.
ومن الناس من يتأوّله على الطهر نفسه ، كأنّه قال : لما ضاع فيها من طهر نسائك.
__________________
(١) لا شكّ أنّ الاعتبار بانقطاع الدم في الحيضة الثالثة وكان التعبير بالغسل في كلامهم كناية عن هذا الانقطاع ، إذ لا موضوعيّة له.