المجوسيّة محرّم. ولكن إذا كان للرجل أمة مجوسيّة فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها (١).
هذا ، ولكنّ الشريف المرتضى حكم حكمه الباتّ بالتحريم مطلقا ؛ قال : ممّا انفردت به الإماميّة : حظر نكاح الكتابيّات (٢).
وذكر السيّد رشيد رضا ردّا على القول بوحدة العلّة في تحريم مناكحة المشركات ومناكحة الكتابيّات : لو اتّحدت العلّة لما صرّح الكتاب بجواز الزواج بالكتابيّة المحصنة ، ولما اتّفق السلف والخلف على الجواز ، ما عدا هذه الشرذمة من الشيعة (٣)!!
لكنّه في طبعة أخرى أبان طرفا من عواقب سوء ترتّبت على القول بالجواز!!
قال : هذا ما كتبته عند طبع التفسير للمرّة الأولى ، وقد حدث بعد ذلك أن فتن كثير من الشبّان المصريّين بنساء الإفرنج فتزوّجوا بهنّ فأفسدن عليهم أمورهم الدينيّة والوطنيّة ، واضطرّ بعضهم إلى الطلاق وغرم كثير من المال. ومنهم رجل غنيّ قتلته امرأته الفرنسيّة وجاءت تطالب بميراثها منه. وقليل من اهتدت به زوجه وأسلمت. وقد سرت العدوى إلى المسلمات ، فمن الغنيّات منهنّ من تزوّجن بمن عشقن من رجال الإفرنج بدون مبالاة بالدين الّذي لا تعرف منه غير اللقب الوارثيّ. وقد عظمت الفتنة ، وقى الله البلاد شرّها ، ولن يكون إلّا بتجديد التربية الإسلاميّة وإصلاح الحكومة (٤).
الأمر الّذي دعى أصحاب النظر ممّن عاصرناهم ، رفض التقليد والأخذ بالتحقيق الحرّ ، وليقولوا بما قاله الأكابر من فقهاء الشيعة.
قال سيّد قطب : ونحن نرى اليوم أنّ هذه الزيجات شرّ على البيت المسلم. فالّذي لا يمكن إنكاره واقعيا : أنّ الزوجة اليهوديّة أو المسيحيّة أو اللّادينيّة تصبغ بيتها وأطفالها بصبغتها ، وتخرج جيلا أبعد ما يكون عن الإسلام. وبخاصّة في هذا المجتمع الجاهلي الّذي نعيش فيه ، والّذي لا يطلق عليه الإسلام إلّا تجوّزا في حقيقة الأمر. والّذي لا يمسك من الإسلام إلّا بخيوط واهية
__________________
(١) المقنع : ٣٠٨.
(٢) الانتصار : ١١٧.
(٣) المنار ٢ : ٣٥٥.
(٤) المصدر ٢ : ٣٥٧.