تلك الحال.
قال : ومن جحد نبيّا مرسلا نبوّته وكذّبه فدمه مباح» (١).
قلت : وعمدة الباب هي هذه الأحاديث الثلاثة الصحاح ، ومحصّلها : أنّ من جحد نبيّا نبوّته وكذّبه علانية وعلى رؤوس الأشهاد ، فهذا منابذ للدين ومحارب للإسلام محاربة عارمة. فلا يجوز إمهاله كي يتّسع الخرق.
وهذا غير الّذي حصلت شبهة ، أو كان تركه للإسلام لرغبة سافلة وليس عن حجّة قاطعة أو شبهة حاصلة. كالّذي مرّ في أبي عمرو الشيباني في شيخ تنصّر. فجعل عليّ عليهالسلام يعالجه بشتّي احتمالات تبرء ذمّته (٢).
ولعلّ سابقة الإسلام هي من أقوى الشواهد على أنّ تركه للإسلام كان عن عناد ولجاج مع الحقّ ، وليس عن شبهة دارئة. إذ الّذي لمس الحقّ لا يستطيع جحده إلّا معاندة ظاهرة.
أمّا حديث ابن عبّاس «من بدّل دينه فاقتلوه» ، فقد عرفت أنّ أصل الحديث مختلق في فحواه وفي مدلوله ذلك الغريب. فضلا عن أنّ الحديث بهذا الإطلاق ، لم يأخذ به أحد من الفقهاء. إذ يشمل من بدّل دينه من كتابيّ إلى كتابيّ ، ومن كفر إلى كفر ، ومن زندقة إلى إلحاد ، ومن إسلام إلى غير دين ، لشبهة واقعة أو لغير شبهة.
وغير ذلك من فروع المسألة ، الأمر الّذي لا يلتزم به فقيه البتّة.
وعليه فالحديث بمدلوله هذا الوسيع غير حجّة عندنا ، ولا سيّما مع ضعف الإسناد حسب أصولنا.
فهذا حديث أبي قلابة عن أنس ، ذكره البخاري ـ وهو حديث فرد غريب كما سلف ـ غير أنّ أبا قلابة ـ وهو عبد الله بن زيد بن عمرو ـ قال ابن حجر في التقريب : فيه نصب يسير! وقال في تهذيب التهذيب : كان أبو قلابة يحمل على عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ولم يرو عنه شيئا. لكنّه روى عن سمرة وأمثاله الكثير في كثير!!
وذكر ابن التين شارح البخاري ـ في الكلام على القسامة ، بعد أن نقل قصّة أبي قلابة مع عمر بن عبد العزيز ـ : العجب من عمر ، على مكانه من العلم ، كيف لم يعارض أبا قلابة في قوله ، وليس
__________________
(١) الفقيه ٤ : ١٠٤ / ٥١٩٢ ؛ الوسائل ٢٨ : ٣٢٣ / ١.
(٢) راجع : المحلّى ١١ : ١٩٠.