ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) قال : «السلم هم آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الله بالدخول فيه» (١).
[٢ / ٥٨٧٧] وأيضا روى عنه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «السلم هو آل محمّد ، أمر الله بالدخول فيه وهم حبل الله الّذي أمر بالاعتصام به قال الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا»)(٢).
[٢ / ٥٨٧٨] وعن سفيان الثوري قال : أنواع البرّ كلّها (٣).
قال الطبري ـ بعد أن نقل الأقوال ورجّح قول ابن عبّاس أنّه السلم أي الإسلام ـ : وإنّما اخترنا ما اخترنا من التأويل في قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) ، وصرفنا معناه إلى الإسلام؟ لأنّ الآية مخاطب بها المؤمنون ، فلن يعدو الخطاب إذ كان خطابا للمؤمنين من أحد أمرين ، إمّا أن يكون خطابا للمؤمنين بمحمّد المصدّقين به وبما جاء به ، فإن يكن ذلك كذلك ، فلا معنى أن يقال لهم وهم أهل الإيمان : ادخلوا في صلح المؤمنين ومسالمتهم ، لأنّ المسالمة والمصالحة إنّما يؤمر بها من كان حربا ، بترك الحرب. فأمّا الموالي فلا يجوز أن يقال له : صالح فلانا ، ولا حرب بينهما ولا عداوة!
أو يكون خطابا لأهل الإيمان بمن قبل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأنبياء المصدّقين بهم وبما جاؤوا به من عند الله ، المنكرين محمّدا ونبوّته ، فقيل لهم : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) يعني به الإسلام لا الصلح. لأنّ الله ـ عزوجل ـ إنّما أمر عباده بالإيمان به وبنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما جاء به ، وإلى ذلك دعاهم دون المسالمة والمصالحة ، بل نهى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأحوال عن دعاء أهل الكفر إلى الإسلام ، فقال : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(٤) وإنّما أباح له صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأحوال إذا دعوه إلى الصلح ابتداء المصالحة ، فقال له جلّ ثناؤه : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)(٥) فأمّا دعاؤهم إلى الصلح ابتداء فغير موجود في القرآن ، فيجوز توجيه قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) إلى ذلك.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٠٦ ؛ العيّاشيّ ١ : ١٢١ / ٢٩٧ ؛ البحار ٣٤ : ١٥٩ / ٣ ، باب ٤٧ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣١١ ؛ البرهان ١ : ٤٥٦ / ٦.
(٢) العيّاشيّ ١ : ١٢١ / ٢٩٩ ؛ البرهان ١ : ٤٥٦ / ٨ ؛ مختصر بصائر الدرجات : ٦٤ ؛ البحار ٢٤ : ١٥٩ / ٤.
(٣) الثعلبي ٢ : ١٢٦ ؛ أبو الفتوح ٣ : ١٦٤ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٧٠ / ١٩٤٨ ، نقلا عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) محمّد ٤٧ : ٣٥.
(٥) الأنفال ٨ : ٦١.