وتذكيرهم بأنّ الله (عَزِيزٌ) يحمل التلويح بالقوّة والقدرة والغلبة ، وأنّهم يتعرّضون لقوّة الله حين يخالفون عن توجيهه. وتذكيرهم بأنّه (حَكِيمٌ). فيه إيحاء بأنّ ما اختاره لهم هو الخير ، وما نهاهم عنه هو الشرّ ، وأنّهم يتعرّضون للخسارة حين لا يتّبعون أمره ولا ينتهون عمّا نهاهم عنه. فالتعقيب بشطريه يحمل معنى التهديد والتحذير في هذا المقام» (١).
***
[٢ / ٥٨٧١] أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) كذا قرأها بالنصب (٢) يعني مؤمني أهل الكتاب ، فإنّهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمر التوراة والشرائع الّتي أنزلت فيهم يقول : ادخلوا في شرائع دين محمّد ولا تدعوا منها شيئا ، وحسبكم بالإيمان بالتوراة وما فيها (٣).
[٢ / ٥٨٧٢] وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) قال : نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وأسد وأسيد ابني كعب ، وسعيد بن عمرو ، وقيس بن زيد ، كلّهم من يهود قالوا : يا رسول الله ، يوم السبت يوم كنّا نعظّمه ، فدعنا فلنسبت فيه ، وأنّ التوراة كتاب الله ، فدعنا فلنقم بها باللّيل ، فنزلت (٤).
[٢ / ٥٨٧٣] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : السلم الإسلام ، والزلل ترك الإسلام (٥).
[٢ / ٥٨٧٤] وعن الربيع في قوله : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) يقول : ادخلوا في الطاعة (٦).
[٢ / ٥٨٧٥] وقال قتادة (فِي السِّلْمِ) يعني الموادعة (٧).
[٢ / ٥٨٧٦] وروى العيّاشيّ عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
__________________
(١) في ظلال القرآن ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٦.
(٢) يعني : بفتح السّين من السّلم أي السّلام والإسلام.
(٣) الدرّ ١ : ٥٧٩ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ / ١٩٩٤ ـ ١٩٤٥ ؛ ابن كثير ١ : ٢٥٥.
(٤) الدرّ ١ : ٥٧٩ ؛ الطبري ٢ : ٤٤٢ / ٣١٨٨ ؛ أبو الفتوح ٣ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، عن قتادة والضحّاك والسّدّي.
(٥) الدرّ ١ : ٥٧٩ ؛ الطبري ٢ : ٤٣٩ / ٣١٨٣ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٧٠ و ٣٧١ / ١٩٤٧ و ١٩٥٤.
(٦) الطبري ٢ : ٤٤٠ / ٣١٨٧.
(٧) ابن أبي حاتم ٢ : ٣٧٠ / ١٩٤٩.