بمعدّل طلاق واحد لكلّ ستّ زيجات بسبب انطلاق النزوات وتبرّج الفتن وحرّية الاختلاط! والجيل الجديد ينحرف فيدمن على المسكّرات والمخدّرات ؛ ليعوّض خواء الروح من الإيمان وطمأنينة القلب بالعقيدة. والأمراض النفسيّة والعصبيّة ، والشذوذ بأنواعه تفترس عشرات الآلاف من النفوس والأرواح والأعصاب. ثمّ الانتحار. والحال كهذا في أمريكا. والحال أشنع من هذا في روسيا.
إنّها الشقوة النكدة المكتوبة على كلّ قلب يخلو من بشاشة الإيمان وطمأنينة العقيدة. فلا يذوق طعم السلم الّذي يدعى المؤمنون ليدخلوا فيه كافّة ، ولينعموا فيه بالأمن والظلّ والراحة والقرار : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
ولمّا دعا الله الّذين آمنوا أن يدخلوا في السلم كافّة ، حذّرهم أن يتّبعوا خطوات الشيطان. فإنّه ليس هناك إلّا اتّجاهان اثنان : إمّا الدخول في السلم كافّة ، وإمّا اتّباع خطوات الشيطان. إمّا هدى وإمّا ضلال. إمّا إسلام وإمّا جاهليّة. إمّا طريق الله وإمّا طريق الشيطان. وإمّا هدى الله وإمّا غواية الشيطان. وبمثل هذا الحسم ينبغي أن يدرك المسلم موقفه ، فلا يتلجلج ولا يتردّد ولا يتحيّر بين شتّى السبل وشتّى الاتّجاهات.
إنّه ليست هنالك مناهج متعدّدة للمؤمن أن يختار واحدا منها ، أو يخلط واحدا منها بواحد. كلّا! إنّه من لا يدخل في السلم بكلّيته ، ومن لا يسلم نفسه خالصة لقيادة الله وشريعته ، ومن لا يتجرّد من كلّ تصوّر آخر ، ومن كلّ منهج آخر ، ومن كلّ شرع آخر. إنّ هذا في سبيل الشيطان ، سائر على خطوات الشيطان. ليس هنالك حلّ وسط ، ولا منهج بين بين ، ولا خطّة نصفها من هنا ونصفها من هناك! إنّما هناك حقّ وباطل. هدى وضلال. إسلام وجاهليّة. منهج الله أو غواية الشيطان. والله يدعو المؤمنين في الأولى إلى الدخول في السلم كافّة ؛ ويحذّرهم في الثانية من اتّباع خطوات الشيطان. ويستجيش ضمائرهم ومشاعرهم ، ويستثير مخاوفهم بتذكيرهم بعداوة الشيطان لهم ، تلك العدواة الواضحة البيّنة ، الّتي لا ينساها إلّا غافل. والغفلة لا تكون مع الإيمان.
ثمّ يخوّفهم عاقبة الزلل بعد البيان : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).