أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد» (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) من أيّام التشريق فانصرف من حجّه إلى بلاده (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ) إلى تمام اليوم الثالث. (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي لا إثم عليه من ذنوبه السالفة ، لأنّها قد غفرت له كلّها بحجّته هذه المقارنة لندمه عليها وتوقّيه منها. (لِمَنِ اتَّقى) أن يواقع الموبقات بعدها ، فإنّه إن واقعها كان عليه إثمها ، ولم تغفر له تلك الذنوب السالفة بتوبة قد أبطلها بموبقات بعدها ، وإنّما يغفرها بتوبة يجدّدها. (وَاتَّقُوا اللهَ) يا أيّها الحاجّ المغفور لهم سالف ذنوبهم بحجّهم المقرون بتوبتهم ، فلا تعاودوا الموبقات فيعود إليكم أثقالها ، ويثقلكم احتمالها ، فلا يغفر لكم إلّا بتوبة بعدها. (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فينظر في أعمالكم فيجازيكم عليها» (١).
***
وبعد فالأوجه من تلك الأقوال ، والأوفق لظاهر النصّ ، هو اختصاص جواز النفر ليومين ، بمن اتّقى ما حرّم الله عليه في إحرامه ، ولا وجه للقول بإرادة اتّقاء الصيد فقط. فلعلّ ما ورد في بعض الروايات ، كان لموضع الحاجة أو السؤال ، ولا شأن له ذاتا بعد كونه أحد المحرّمات في الإحرام.
هذا ولسان الدليل ـ الخاصّ باتّقاء الصيد ـ إذا كان مثبتا ـ كما هنا ـ فإنّه لا يخصّص عموم العام. إذ لا منافاة بين المثبتين ، كما قرّر في علم الأصول. وعليه فعموم القرآن وإطلاقه هو المحكّم في المقام.
وبهذا الإطلاق أفتى الفقيه البارع يحيى بن سعيد الحلّي رحمهالله قال : «وله النفر ثالث النحر (٢) بعد الزوال ، إن كان اتّقى ، وهو أن لم يأت النساء في إحرامه أو صيدا أو ما حرم عليه في إحرامه» (٣).
قال الشهيد الثاني قدسسره : والمراد باتّقاء الصيد عدم قتله ، وباتّقاء النساء عدم جماعهنّ في حال الإحرام. وفي إلحاق باقي المحرّمات المتعلّقة بهما ، كالقبلة واللمس بشهوة والعقد وشهادته ، وأكل الصيد ، نظر ، من صدق عدم الاتّقاء لغة في جميع ذلك. ومن دلالة ظاهر النصّ (٤) على إرادة المعنى
__________________
(١) تفسير الإمام عليهالسلام : ٦١٣ ـ ٦١٧ / ٣٦٠ ؛ البحار ٩٦ : ٣١٦ / ١٠ ، باب ٥٥ ، من قوله «فمن تعجّل» الخ ؛ الصافي ١ : ٣٦٨.
(٢) وهو : من تعجّل في يومين. في اليوم الثاني من أيّام التشريق.
(٣) الجامع للشرائع : ٢١٨.
(٤) أي الروايات الناصّة على الصيد والنساء.