«إذا» ، والمعنى : جأروا ، والعامل في الثانية «أخذنا» (١). وهو كلام لا يظهر (٢).
وقال ابن عطية : و «حتى» حرف ابتداء لا غير ، و «إذا» (٣) الثانية ـ (التي هي جواب) (٤) ـ تمنعان من أن تكون «حتى» غاية ل «عاملون» (٥). قال شهاب الدين : يعني أن الجملة الشرطية وجوابها لا يظهر أن تكون غاية ل «عاملون» (٦).
وظاهر كلام مكي أنها غاية ل «عاملون» ، فإنه قال : أي : لكفار قريش أعمال من الشر دون أعمال أهل البر (هُمْ لَها عامِلُونَ) إلى أن يأخذ الله أهل النعمة والبطر منهم إذا هم يضجون (٧). والجؤار : الصراخ مطلقا (٨) ، وأنشد الجوهري (٩) :
٣٨٠٣ ـ يراوح(١٠)من صلوات الملي |
|
ك طورا (١١) سجودا وطورا جؤارا (١٢) |
وتقدم مستوفى في النحل (١٣).
فصل
قال الزمخشري : «حتى» هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام الجملة الشرطية (١٤).
واعلم أن الضمير في «مترفيهم» راجع إلى من تقدم ذكره من الكفار ، لأن العذاب لا يليق إلا بهم (١٥). والمراد بالمترفين : رؤساؤهم. قال ابن عباس : هو السيف يوم بدر (١٦).
وقال الضحاك : يعني الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» (١٧) فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الكلاب والجيف (١٨). وقيل : أراد عذاب الآخرة (١٩). ثم بين تعالى أنهم إذا نزل
__________________
(١) البرهان ٦ / ١٦١.
(٢) وبمثل هذا رده أبو حيان. انظر البحر المحيط ٦ / ٤١٢.
(٣) في ب : وإذ. وهو تحريف.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٧.
(٦) الدر المصون ٥ / ٩١.
(٧) البحر المحيط ٦ / ٤١٢.
(٨) انظر اللسان (جأر).
(٩) الصحاح (جأر).
(١٠) في النسختين : يرواح.
(١١) في النسختين : وطورا.
(١٢) البيت من بحر المتقارب ، من قصيدة للأعشى يمدح فيها قيس بن معديكرب. وقد تقدم.
(١٣) عند قوله تعالى : «وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ» [النحل : ٥٣].
(١٤) الكشاف ٣ / ٥٠.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١١١.
(١٦) انظر البغوي ٦ / ٢٧ ، القرطبي ١٢ / ١٣٥.
(١٧) أخرجه البخاري (الأذان) ١ / ١٤٥ ومسلم (مساجد) ١ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ، أبو داود (الوتر) ٢ / ١٤٢ ، النسائي (الافتتاح) ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(١٨) انظر البغوي ٦ / ٢٧ ، القرطبي ١٢ / ١٣٥.
(١٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١١١ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٢.