والغايات الشخصية ، فنمسه ما رفيقا هادئا ، وندرسه دراسة واسعة منظمة ، ونلتزم فيه أدب البحث وإنصاف الباحث ، ونجعل الله وحده غايتنا فيما نحاول ونعالج؟ «والله يقول الحق وهو يهدى السبيل».
ولنبدأ الكلام ببيان معنى الترجمة لغة وعرفا ، ثم بتقسيمها إلى حرفية وتفسيرية ، ثم ببيان الفرق بين الترجمة والتفسير ؛ فإن تحديد معانى الألفاظ وتحقيق المراد منها ، مجهود مهم ومفيد ، لا سيما ما كان من الأبحاث الخلافية ؛ كهذا البحث الذى نعانيه.
فلقد هدانا الاستقراء إلى أن تحديد معانى الأمور الخلافية ، أو تحرير محل النزاع (بعبارة فنية أزهرية). كثيرا ما قرب بين وجهات النظر المختلفة ، وطالما أظهر أن خلاف المختلفين كان لفظيا لا حقيقيا ، لأن النفى والإثبات بينهم لم يتواردا على أمر واحد ، بل إن ما أثبته بعضهم لم يخالف أحد فى إثباته بالمعنى الذى أراده ، وما نفاه البعض الآخر لم يخالف أحد فى نفيه بالمعنى الذى أراده كذلك ورجع الأمر أخيرا إلى مجرد اختلاف فى العبارات لاختلاف فى الاعتبارات. ولو أنهم اتفقوا بادئ ذى بدء على هذه الاعتبارات. لما اختلف العبارات ، ولما حدث خلاف البتة.
إذن فإننا نستميح قارئنا الكريم عذرا ، إذا أطنبنا فى توضيح المعنى المراد الذى يدور عليه الكلام فى هذا الموضوع ، وإذا استطردنا ببيان ما اشتبه به وكان سببا فى النزاع ، فنذكر أن لفظ (ترجمة) يطلق على معان متعددة ، بعضها لغوى ؛ وبعضها عرفى عام.
الترجمة فى اللغة :
وضعت كلمة ترجمة فى اللغة العربية ، لتدل على أحد معان أربعة :
(أولها) تبليغ الكلام لمن لم يبلغه. ومنه قول الشاعر :
«إن الثمانين ـ وبلغتها ـ |
|
قد أحوجت سمعى إلى ترجمان» |
(ثانيها) تفسير الكلام بلغته التى جاء بها. ومنه قيل فى ابن عباس : إنه ترجمان القرآن ولعل الزمخشرى فى كتابه أساس البلاغة يقصد هذا المعنى إذ يقول : «كل ما ترجم