قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ٢ ]

مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ٢ ]

194/343
*

المنسوبة لعباده ، على سبيل التقريب لأفهامهم والتأنيس لقلوبهم. ولقد نبه فى كتابه تعالى على القسمين وأنه منزه عن الجوارح فى الحالين. فنبه على الأول بقوله : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) فهذا يفيد أن كل ما يظهر على أيدى العباد فهو منسوب إليه تعالى. ونبه على الثانى بقوله فيما أخبر عنه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صحيح مسلم : «ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه. فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به ، وبصره الذى يبصر به ، ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها وقد حقق الله ذلك لنبيه بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) وبقوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وبهذا يفهم ما جاء من الجوارح منسوبا إليه تعالى ، فلا يفهم من نسبتها إليه تشبيه ولا تجسيم. ولكن الغرض من ذلك التقريب للأفهام ، والتأنيس للقلوب. والواجب سلوكه إنما هو رد المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية ، وعلى مواضعات العرب وعلى ما كان يفهمه الصحابة والتابعون من الكتاب والسنة» اه ما أردنا نقله.

الشبهة الرابعة ودفعها :

نقل السيوطى أيضا عن الإمام فخر الدين الرازى أنه قال : «من الملحدة من طعن فى القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات وقال : إنكم تقولون إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ، ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه ، فالجبرى متمسك بآيات الجبر ، كقوله تعالى (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) ، والقدرى يقول : هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى عنهم ذلك فى معرض الذم فى قوله. (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) وفى موضع آخر (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)(١) ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) (الرَّحْمنُ

__________________

(١) يظهر أن هنا سقطا ، لعله هكذا : ومثبت الرؤية متمسك بقوله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ).