فتكون الثانية. ناسخة للأولى وقيل لا تعارض بين الآيتين ولا نسخ. لأن الثانية لم ترفع الحكم الأول ، بداهة أنه لم يقل فيها : لا يقاتل الواحد العشرة إذا قدر على ذلك. بل هى مخففة فحسب ، على معنى أن المجاهد إن قدر على قتال العشرة فله الخيار رخصة من الله له بعد أن اعتز المسلمون. ولكنك ترى أن النسخ على هذا الوجه لا مفر منه أيضا ، لأن الآية الأولى عينت على المجاهد أن يثبت لعشرة ، والثانية خيرته بين الثبات لعشرة ، وعدم الثبات لأكثر من اثنين. ولا ريب أن التخيير يعارض الالزام على وجه التعيين.
الآية السادسة عشرة
«انفروا خفافا وثقالا» فإنها نسخت بآيات العذر ، وهى قوله : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) وقوله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً. فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) وقيل إن الآية الأخيرة فى النفر للتعليم والتفقه لا للحرب ، والآيتان قبلها مخصصتان لا ناسختان للآية الأولى ، كأنه قال من أول الأمر : لينفر منكم خفافا وثقالا كل من احتيج إليه وهو قادر لا عذر له.
الآية السابعة عشرة
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) ، فإنها منسوخة بقوله سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) لأن الآية خبر بمعنى النهى ، بدليل قراءة «لا ينكح» بالجزم ، والقراءات يفسر بعضها بعضا. وقيل بعدم النسخ ، تفسيرا للآية الأولى بأن الزانى المعروف بالزنى ، لا يستطيع أن ينكح إلا زانية أو مشركة ، لنفور المحصنات المؤمنات من زواجه. وكذلك المرأة المعروفة بالزنى لا يرغب فى نكاحها إلا زان أو مشرك ، لنفور المؤمنين الصالحين من زواجها.