قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الأثري الجامع [ ج ٥ ]

التفسير الأثري الجامع [ ج ٥ ]

87/560
*

الآية. ومن ثمّ لا يجوز أن يقال عن أيّ فرض من الفروض العلميّة في هذا الموضوع ، إنّه المدلول النهائيّ المطابق للآية!

قال : وحسبنا هذا الاستطراد بهذه المناسبة ، فقد أردنا به إيضاح المنهج الصحيح في الانتفاع بالكشوف العلميّة في توسيع مدلول الآيات القرآنيّة وتعميقها ، دون تعليقها بنظريّة خاصّة أو بحقيقة علميّة خاصّة ، تعليق تطابق وتصديق ، وفرق بين هذا وذاك! (١).

وقد نقلنا كلامه هنا بكمال ، لما فيه من الوفاء بشرائط استخدام النظريّات العلميّة ـ الموسومة عندهم بالحقائق الراهنة ـ في فهم القرآن الكريم. وأن لا بأس به ما لم يكن من الحمل المتكلّف فيه ولا أن يكون هناك تعليق قاطع ، مادام العلم في حركة دائبة ، لا يتناسب والكلمة الأخيرة الّتي قالها القرآن الكريم ، وصدق الله العليّ العظيم.

قوله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)

وهذا الشطر من الآية ، ترتبط مع عادة جاهليّة كانت سائدة عندهم في مراسيم الحجّ ؛ كانوا إذا أحرم الرجل منهم بالحجّ أو العمرة ، لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه ، فإن كان من أهل المدر (٢) نقب نقبا في ظهر بيته ليدخل منه ويخرج ، أو يتّخذ سلّما فيصعد منه ويهبط ، وإن كان من أهل الوبر (٣) خرج من خلف الخيمة والفسطاط ، ولا يدخل ولا يخرج من الباب حتّى يحلّ من إحرامه.

وكانوا يرون ذلك برّا (مرسوما حسنا من مراسيم الحجّ) سوى الحمس ، وهم : قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخيثم وبنو عامر بن صعصعة وبنو نضر بن معاوية ، سمّوا حمسا ، لتشدّدهم في دينهم ، والحماسة : الشدّة والصلابة. فكانوا لا يأبهون بذلك ولا يرون الدخول من الأبواب ذمّا ، لا في الإحرام ولا في العودة من الأسفار ، كما كان الأنصار ـ في جاهليّتهم ـ يرونه ذمّا في مطلق الرجعة من السفر.

[٢ / ٥٢٦٠] روى البخاري ومسلم وغيرهما بالإسناد إلى البراء بن عازب ، قال : كان الأنصار إذا

__________________

(١) في ظلال القرآن ، ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦٣.

(٢) المدر : المدن والحضر.

(٣) الوبر : صوف الإبل والأرانب. وأهل الوبر : الّذين يعيشون في الخيم.