[٢ / ٥٢٩٢] وأخرج مسلم عن جابر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أمرت أن اقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها ، وحسابهم على الله». ثمّ قرأ : (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)(١). (٢)
[٢ / ٥٢٩٣] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله تعالى : (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) قال : حتّى يقال : لا إله إلّا الله ، عليها قاتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإليها دعا. قال : وذكر لنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : «إنّ الله أمرني أن أقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) قال : وإنّ الظالم الّذي أبى أن يقول : لا إله إلّا الله ، يقاتل حتّى يقول : لا إله إلّا الله» (٣).
قوله تعالى : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)
فإذا انتهى الظالمون عن ظلمهم ، وكفّوا عن الحيلولة بين الناس وربّهم ، فلا عدوان عليهم ـ أي لا مناجزة لهم ـ لأنّ الجهاد إنّما يوجّه إلى الظلم والظالمين.
ويسمّى دفع الظالمين ومناجزتهم عدوانا من باب المشاكلة اللفظيّة ، وإلّا فهو عدل وقسط ودفع للعدوان عن المظلومين.
إذن فعلى الجماعة المسلمة أن تقوم في وجه العدوان بكلّ قوّة ، وتحطّم طاقات الكفر والشقاق ، لتطلق الناس أحرارا ، مفسوحا لهم مجال الاستماع والاختيار والاهتداء.
***
ثمّ يبيّن حكم القتال في الأشهر الحرم ، كما بيّن حكمه عند المسجد الحرام : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
فالّذي ينتهك حرمة الشهر الحرام ، فجزاؤه أن يحرم الضمانات الّتي يكفلها له الشهر الحرام ، وقد جعل الله البيت الحرام واحة للأمن والسّلام في المكان ، كما جعل الأشهر الحرم ساحة للأمن
__________________
(١) الغاشية ٨٨ : ٢٢.
(٢) مسلم ١ : ٣٩ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٢٩٥ / ٣٩٢٨ ، كتاب الفتن ؛ الترمذي ٥ : ١١٠ / ٣٣٩٩ ، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ؛ الحاكم ٢ : ٥٢٢ ؛ البخاري ١ : ١٠٢ ـ ١٠٣ ، عن أنس بن مالك عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبخلاف في اللفظ.
(٣) الدرّ ١ : ٤٩٥ ؛ الطبري ٢ : ٢٦٤ / ٢٥٥٠.