وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك وكلما ازداد من العلم باللسان الذى جعله الله لسان من ختم به نبوته وأنزل به آخر كتبه ، كان خيرا له».
وجاء فى كتاب الرسالة أيضا أن المسور بن مخرمة رأى رجلا أعجمى اللسان أراد أن يتقدم للصلاة. فمنعه المسور بن مخرمة وقدم غيره ولما سأله عمر رضى الله عنه فى ذلك قال له : إن الرجل كان أعجمى اللسان وكان فى الحج ، فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته. فقال له عمر : أصبت. وقال الشافعى : «لقد أحببت ذلك». اه قال فى الكشاف «الأعجمى من لا يفهم كلامه للكنته أو لغرابة لغته ، فجاز أن يكون لسانه ألكن أو تكون لغته غريبة».
(الوجه السابع) أن الأمة أجمعت على عدم جواز رواية القرآن بالمعنى. وأنت خبير بأن ترجمة القرآن بهذا المعنى العرفى ، تساوى روايته بالمعنى فكلتاهما صيغة مستقلة وافية بجميع معانى الأصل ومقاصده ، لا فرق بينهما إلا فى القشرة اللفظية. فالرواية بالمعنى لغتها لغة الأصل. وهذه الترجمة لغتها غير لغة الأصل. وعلى هذا يقال إذا كانت رواية القرآن بالمعنى فى كلام عربى ممنوعة إجماعا ، فهذه الترجمة ممنوعة كذلك ، قياسا. على هذا المجمع عليه ، بل هى أحرى بالمنع ، للاختلاف بين لغتها ولغة الأصل.
(الوجه الثامن) أن الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين ، تواضعوا على أن الأعلام لا يمكن ترجمتها ، سواء أكانت موضوعة لأشخاص من بنى الإنسان ، أم لأفراد من الحيوان ، أم لبلاد وأقاليم ، أم لكتب ومؤلفات. حتى إذا وقع علم من هذه الأعلام أثناء ترجمة ما ، ألفيته هو هو ثابتا لا يتغير ، عزيزا لا ينال ، متمتعا بحصانته العلمية ، لا ترزؤه الترجمة شيئا ، ولا تنال منه منالا ـ وما ذاك إلا لأن واضعى هذه الأعلام قصدوا ألفاظها بذاتها ، واختاروها دون سواها الدلالة على مسمياتها فكذلك القرآن الكريم علم ربانى قصد الله سبحانه ألفاظه دون غيرها. وأساليبه دون سواها ، لتدل على هداياته وليؤيد بها