فى الشرق ورجلا فى الغرب ، وخفقت رايتهم على نصف المعمور فى أقل من قرن ونصف قرن من الزمان.
أفسحر هذا؟ أم هو برهان عقلى لمحه المنصفون من الباحثين فاكتفوا من محمد صلىاللهعليهوسلم بهذا النجاح الباهر دليلا على أنه رسول من رب العالمين.
هذا فيلسوف من فلاسفة فرنسا يذكر فى كتاب له ما زعمه دعاة النصرانية من أن محمدا لم يأت بآية على نبوته كآيات موسى وعيسى ، ثم يفند هذا الزعم ويقول : إن محمدا كان يقرأ القرآن خاشعا أواها متألها ، فتفعل قراءته فى جذب الناس إلى الإيمان به ما لم تفعله جميع آيات الأنبياء الأولين!
أجل ، لقد صدق الرجل ، فإن فعل القرآن فى نفوس العرب كان أشد وأرقى وأبلغ مما فعلت معجزات جميع الأنبياء. وإن شئت مقارنة بسيطة فهذا موسى عليهالسلام قد أتى بنى إسرائيل بآيات باهرة من عصا يلقيها فإذا هى ثعبان مبين ، ومن يد يخرجها فإذا هى بيضاء للناظرين. ومن انفلاق البحر فإذا هو طريق يابسة يمشون فيها ناجين آمنين ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فى مصر وفى طور سينا مدة التيه. فهل تعلم مدى تأثير هذه الهدايات فى إيمانهم بالله ووحدانيته ، وإخلاصهم لدينه ونصرة رسوله؟ إنهم ما كادوا يخرجون من البحر بهذه المعجزة الإلهية الكبرى ويرون بأعينهم عبدة الأصنام والأوثان ، حتى كان منهم ما حكاه الله فى القرآن : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ. قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ثم لما ذهب موسى إلى مناجاة ربه واستخلف عليهم أخاه هارون عليهماالسلام ، نسوا الله تعالى وحنوا إلى ما وقر فى نفوسهم من الوثنية المصرية وخرافاتها. فعبدوا العجل كما تحدثت سورة الأعراف بذلك : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ