______________________________________________________
أو رفع اليد عن المفهوم فيهما بالمرة ، أو رفع اليد عن خصوصية الشرط في كل منهما وجعل الموضوع هو الجامع بينهما ، أو البناء على التعارض فيكون الحكم التخيير ، بناء على أنه تخيير في المسألة الفرعية. ومبنى الأخيرين التعارض ، والترجيح ، إما للأولى ، أو للأخيرة.
هذا ولا يخفى أن ما ذكر ـ على تقدير تماميته في نفسه ـ إنما يصح لو كان خفاء الأذان أو البيوت ملحوظاً موضوعاً لجواز التقصير. أما إذا لوحظ معرفاً للمقدار الخاص من البعد ـ يعني : أن يبعد الإنسان إلى حد لا يسمع فيه الأذان لو كان ، ويتوارى عن البيوت لو كانت ، وإن لم يكن أذان ولا بيوت فلا مجال لهذا الخلاف. لأن التقديرين إن كانا متساويين كان أحدهما عين الآخر ، والاختلاف يكون في المفهوم الملازم ، نظير التقدير بثمانية فراسخ ومسيرة يوم ، فلا معنى للاكتفاء بأحدهما تعييناً ، أو تخييراً ، أو اعتبار الانضمام. وان كانا مختلفين ، فحيث يمتنع التقدير بالأقل والأكثر معاً ، وجب إعمال قواعد التعارض ، من الترجيح أو التخيير.
نعم هنا احتمال آخر ، وهو أن يكون كل من الخفائين علامة على تحقق البعد في الجملة ، أعم من أن يكون مقارناً لوجوده ، أو سابقاً عليه. فحينئذ يمكن أن يقع الخلاف في أن العلامة مجموعهما ، أو كل منهما مستقلا ، مطلقاً ، أو في غير صورة العلم بانتفاء الأخرى. وفيه أيضاً : أنه لا يتم لو أريد بهما المقداران إذ مع البناء على تلازمهما لا معنى للخلاف المذكور ، لرجوعهما الى مقدار واحد ، ومع البناء على انفكاكهما يتعين كون العلامة أحدهما ، إما السابق ، أو اللاحق ، ويكون ضم الآخر إليه في غير محله. نعم لو أريد بهما الفعليان فحيث إنه لا ريب في انفكاك أحدهما عن الآخر يمكن النزاع المذكور. لكن لازم ذلك انتفاء العلامة عند انتفائهما معاً. وهو مما لا يمكن أن يلتزم به.
فالتحقيق : إنه لا ينبغي التأمل في كون العنوانين المذكورين في النصوص