______________________________________________________
لا يصدق عليه أنه نساج وعمله النساجة. فهؤلاء المسافرون في كل سنة إلى مكة في أشهر الحج لا يصدق عليهم أنهم عملهم السفر ، وإن كان بناؤهم على ذلك في كل سنة ، لتحقق الفترة المنافية لصدق عملية السفر ، فلا تجدي مزاولتهم للسفر المذكور ـ بلحاظ ضم السنين بعضها إلى بعض ـ في صدق كون السفر عملهم.
نعم لو بنى بعض أهل مكة على مكاراة جماله في أشهر الحج بين جدة ومكة ، على نحو عزم على التردد مرة بعد أخرى ، بلا فترة منافية للاستمرار عرفاً على العمل المذكور ، كان في أشهر الحج ممن عمله السفر ، ووجب عليه التمام. وبالجملة : اعتبار المواظبة والتكرر في صدق كون السفر أو غيره عملا مما لا مجال لإنكاره عرفاً.
ويدل عليه صحيح هشام : « المكاري ، والجمال الذي يختلف وليس له مقام ، يتم الصلاة ، ويصوم شهر رمضان » (١) ـ ونحوه غيره ـ إذ المراد من الاختلاف تكرر الذهاب والإياب بلا فترة. وهذا المعنى غير موجود في الحملدارية ونحوهم ، ممن يسافر في كل سنة مرة أو مرات متفرقة بنحو لا يصدق معه المواظبة على السفر ، والاختلاف فيه ، والاستمرار عليه. فالمرجع في حكمهم أصالة القصر على المسافر. وإلى ذلك تومي مكاتبة محمد بن جزك إلى أبي الحسن الثالث (ع) : « إن لي جمالا ، ولي قوام عليها ، ولست أخرج فيها إلا في طريق مكة ، لرغبتي في الحج ، أو في الندرة إلى بعض المواضع ، فما يجب علي إذا خرجت معهم أن أعمل ، أيجب علي التقصير في الصلاة والصيام في السفر ، أو التمام؟ فوقع (ع) : إذا كنت لا تلزمها ، ولا تخرج معها في كل سفر إلا إلى مكة فعليك تقصير وإفطار » (٢).
__________________
(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب صلاة المسافر حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب صلاة المسافر حديث : ٤.