______________________________________________________
الأصول ) ـ وفي بعض مباحث الطهارة من هذا الشرح ـ إلى الإشكال في ثبوت ما هو عبادة بالذات بلا ملاحظة كونه محبوباً ، وإن كان واجداً لعنوان يكون علة تامة للمحبوبية ، فضلا عما إذا لم يكن كذلك ، بل كان فيه مقتضى المحبوبية ، فضلا عما إذا لم يكن كذلك ، بل كان فيه مقتضى المحبوبية ، كما في مثل السجود ، والركوع ، والذكر ، والدعاء ، ونحوها من مشاعر التعظيم. ولو سلم فليس الصوم منها ، فإنه مما لا ينطبق عليه عنوان كذلك أصلا ، وليس هو إلا كالنوم ، واليقظة ، والأكل ، والمشي ونحوها مما لا يكون فيه مراسم العبودية ، وإنما تكون عباديته لجهات خفية تعبدية. ومما يشهد بما ذكرنا : تحريم جملة مما يكون عندهم من العبادة بالذات ، فإن الحرمة تنافي ذلك ولو في بعض الأحوال وعلى بعض الكيفيات.
نعم يمكن البناء على تصحيح الصوم في المقام : بأن الناذر في مقام الوفاء بنذره إنما يقصد امتثال الأمر الندبي المتعلق بالصوم لو لا النذر ، وهو المقرب له ، لا الأمر الآتي من قبل النذر ، إذ الأمر بالوفاء بالنذر ـ كالأمر بالوفاء بالعقود ـ ليس مقوماً لعبادية موضوعه إذا كان عبادة ، إذ عباديته أيضاً موضوع للنذر ، فلا بد أن يكون المصحح لها أمرها الأولي ، ويمتنع أن يكون المصحح لها أمر النذر. نعم الأمر بالوفاء بالنذر من قبيل الداعي إلى امتثال ذلك الأمر ، فصوم كل يوم إنما يؤتى به بقصد امتثال أمره في نفسه ، فاذا بطل التتابع لم يرد خلل على الامتثال المذكور ، فيكون الصوم عبادة على حاله لو لا بطلان التتابع ، فيكون صحيحاً على كل حال. ولا مجال لهذا التقريب بالنسبة إلى القراءة والأذكار ، إذ عباديتها إنما كانت بقصد امتثال أمر الصلاة ، فإذا بطلت الصلاة بطل الامتثال ، ولا تكون عبادة. نعم يترتب الثواب على فعلها ، بناء على ترتبه على مطلق الانقياد لحصوله على كل حال. لكن ترتب الثواب أمر آخر لا يرتبط بالصحة ، بخلاف الصوم المأتي به بقصد التتابع ، فإنه صحيح وإن بطل التتابع.