وقال ابن عاشور : اختلف العلماء في المراد من القروء في هذه الآية ، والّذي عليه فقهاء المدينة وجمهور أهل الأثر : أنّ القرء هو الطهر. وهذا قول عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر وجماعة من الصحابة من فقهاء المدينة ومالك والشافعي في أوضح كلاميه وابن حنبل. والمراد به الطهر الواقع بين دمين (١).
وبعد فإذ قد عرفت أنّ الرأي السائد بين الفقهاء حينذاك كان هو تفسير القروء بالأطهار. فإن كان يجب حمل أحد الخبرين المتعارضين على موافقة العامّة ، فمن الواضح حمل أخبار الطهر على ذلك لشيوعه وذيوعه.
هذا فضلا عن كثرة جانب أخبار الحيض (٢) وقلّة أخبار الطهر (٣) ، حسبما مرّت عليك.
على أنّ تفسير القرء ـ مهموزا ـ بجمع الدّم في الرحم ؛ غير صحيح ، بل خلط بين القرء مهموزا وبينه معتلّ الواو (قرو).
فالّذي بمعنى الجمع هو المعتلّ ـ كما في العين (٤) ـ دون المهموز الّذي هو بمعنى الوقت.
***
وهكذا استندوا للقول بتفسير الأقراء بالأطهار بما روي أنّها إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد برئت منه ، بحجّة أنّها اكتملت أطهارها الثلاثة : الطهر الّذي وقع فيه الطلاق من غير وقاع ، وطهرين كاملين بعده.
[٢ / ٦٦٧٣] روى العيّاشي بالإسناد إلى عبد الرحمان بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في المرأة إذا طلّقها زوجها متى تكون أملك بنفسها؟ قال : «إذا رأت الدّم من الحيضة الثالثة فقد بانت» (٥).
__________________
(١) التحرير والتنوير ٢ : ٣٧١.
(٢) وكانت أحد عشر حديثا.
(٣) وكانت خمسة أحاديث.
(٤) العين ٥ : ٢٠٣ ـ ٢٠٥.
(٥) البرهان ١ : ٤٨٦ / ١٦ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٤ ـ ١٣٥ / ٣٥٩ ؛ البحار ١٠١ : ١٨٨ / ٢٧ ، باب ٨.