يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١). والّذي يخاطب فيه نساء النبيّ ـ وهنّ في أطهر بيت ، في أطهر بيئة ـ : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٢).
وفي مثل هذا المجتمع تأمن الزوجة على زوجها ، ويأمن الزوج على زوجته ، ويأمن الأولياء على حرماتهم وأعراضهم ، ويأمن الجميع على أعصابهم وقلوبهم. حيث لا تقع العيون على المفاتن ، ولا تقود العيون القلوب إلى المحارم. فإمّا الخيانة المتبادلة حينذاك وإمّا الرغائب المكبوتة وأمراض النفوس وقلق الأعصاب. بينما المجتمع المسلم النظيف العفيف آمن ساكن ، ترفّ عليه أجنحة السلم والطهر والأمان!
وأخيرا إنّه ذلك المجتمع الّذي يكفل لكلّ قادر عملا ورزقا ، ولكلّ عاجز ضمانة للعيش الكريم ، ولكلّ راغب في العفّة والحصانة زوجة صالحة ، والّذي يعتبر أهل كلّ حيّ مسؤولين مسؤوليّة جنائيّة لو مات فيهم جائع ؛ حتّى ليرى بعض فقهاء الإسلام تغريمهم بالديّة.
والمجتمع الّذي تكفل فيه حرّيات الناس وكراماتهم وحرماتهم وأموالهم بحكم التشريع ، بعد كفالتها بالتوجيه الربّاني المطاع. فلا يؤخذ واحد فيه بالظنّة ، ولا يتسوّر على أحد بيته ، ولا يتجسّس على أحد فيه متجسّس ، ولا يذهب فيه دم هدرا والقصاص حاضر ؛ ولا يضيع فيه على أحد ماله سرقة أو نهبا والحدود حاضرة.
__________________
(١) النور ٢٤ : ٣٠ ـ ٣١.
(٢) الأحزاب ٣٣ : ٣٢ ـ ٣٣.