قال تعالى :
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨))
وفي ظلّ الصوم والاعتكاف ، والامتناع عن ملاذّ ومشتهيات ، وعن المآكل والمشارب والمناكح. ورد التحذير من نوع آخر من الأكل : أكل أموال الناس بالباطل ؛ من غير سبب مبرّر!؟
وعن طريق التقاضي بشأنها أمام الحكّام ، اعتمادا على المغالطة في الحجج والأسانيد. واللحن بالقول الزور. فيغلب خصمه عن طريق المحاججة الباطلة ، مضيفا إليها الرّشا والمصانعة السيّئة!؟ الأمر الّذي يضادّ خصيلة التقوى والورع عن محارم الله!
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) أي بلا سبب مبرّر معقول ، والأكل هنا : كناية عن تداول بذيء يعلوه غبار النّهم والحرص المقيت ، ويذهب برواء الإنسانيّة النبيلة والّتي جبل الإنسان عليها في فطرته الأولى النزيهة.
نعم وهكذا أناس سفلة ، قد عاكسوا الفطرة وأخذوا في تيه الضلال.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْناهُ) بفعل نفسه (أَسْفَلَ سافِلِينَ)(١).
[٢ / ٥٢٥٦] أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) قال : هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بيّنة ، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكّام وهو يعرف أنّ الحقّ عليه ، وقد علم أنّه آثم آكل حرام (٢).
[٢ / ٥٢٥٧] وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال : لا تخاصم وأنت تعلم أنّك
__________________
(١) التين ٩٥ : ٤.
(٢) الدرّ ١ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩ ؛ الطبري ٢ : ٢٥١ / ٢٥٠٣ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٢١ / ١٧٠٤ ؛ ابن كثير ١ : ٢٣١ ؛ البغوي ١ : ٢٣٤ ؛ الثعلبي ٢ : ٨٤ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٦٤.