______________________________________________________
للوجوب ـ يعني : لثبوت ملاك الصوم ـ كان الصوم قبله بلا ملاك ، فلا يكون الإفطار قبله موجباً للكفارة. وإن كان عدمه شرطاً للواجب ـ وهو الصوم ـ كما يقتضيه صدق الفوت والقضاء في حق المسافر ، فيقال : فاته الصوم ، ويجب عليه قضاؤه ، إذ الفوت إنما يصدق في ظرف وجود الملاك ، والقضاء فرع وجوب الأداء وفوته ، كان اللازم البناء على وجوب الكفارة كما لو أفطر ولم يسافر ، إذ لا فرق بينهما في وجوب الصوم ، وفي حرمة إيقاع المفطر غير السفر ، وفي جواز الإفطار بالسفر. ومجرد اختلافهما بوجود السفر وعدمه لا يؤثر فرقاً في وجوب الكفارة. لأن موضوع الكفارة الصوم الصحيح الواجب على المكلف صحة تأهلية ، وهذا المعنى لا يختل بوجود السفر باختياره.
نعم لو كان السفر غير اختياري كان موجبا للمنع عن التكليف بالصوم لأنه مع الاضطرار الى السفر لا يقدر على إتمامه ، فلا يكون مكلفاً به ، فينتفي. موضوع الكفارة ، لأنه الصوم الواجب. أما السفر الاختياري فلا يمنع عن القدرة على الصوم التام ، ولا عن التكليف به من غير جهة السفر. وبذلك يظهر الفرق بين الموانع الاختيارية والاضطرارية ، فتجب الكفارة بالإفطار قبل الأولى ، ولا تجب به قبل الثانية. فالحيض والنفاس ونحوهما لا توجب سقوط الكفارة لو اتفق وقوعها اختياراً من المكلف بعد صدور المفطر كالسفر الاختياري. ولو وقعت اضطراراً اقتضت سقوط الكفارة ، كالسفر الاضطراري.
هذا ولكن سيأتي في فصل شرائط وجوب الصوم : أن السفر المأخوذ مانعاً من الصوم لم يؤخذ مانعاً منه كسائر الموانع ، ولذا لا يدعو الأمر بالصوم الى تركه ، فيكون التكليف بالصوم كالمنوط بعدمه ، فلا يثبت إلا في ظرف عدمه من باب الاتفاق ، فاذا اتفق وجوده كشف عن عدم