______________________________________________________
فإن انفك ظهر صحة العفو ، وإلا فلا ).
المراد بـ ( المال ) : ما أوجبته الجناية ، أو الإتلاف. ووجه القرب في الأول : أن حق المرتهن متعلق بالعين وأرشها وبدلها ، وتصرفات الراهن ، مما ينافي ذلك ، ممنوع منها ، فلا يكون العفو مسقطا لحق المرتهن ، وهو الأصح.
ويحتمل ضعيفا العدم ، لأن العفو لا يقع باطلا عند المصنف ـ كما سنذكره ـ بل يقع مراعى ، ثم يظهر نفوذه عند انفكاك الرهن ، فإذا وقع العفو بما نفذ ولم يظهر لنا ، لتوقف الانكشاف على الانفكاك وعدمه ، فكيف يؤخذ حق ربما لم يكن ثابتا؟ وليس بشيء ، لأن ثبوت حق الراهن مقطوع به ، فكيف يترك لأمر محتمل.
ووجه القرب في الثاني : أن فيه جمعا بين الحقين ، ولأنه لا مانع إلا حق المرتهن ، فإذا انفك زال المانع. ويضعّف بأنه لم يتحقق ثبوت حق للجاني إلى الآن ، ليجمع بينه وبين حق المرتهن. ومانعية حق المرتهن على صحة العفو يقتضي بطلانه وقت إنشائه ، فكيف ينكشف بعد صحته في حال وجود المانع؟
قال الشارح : والتحقيق أن الأمور العدمية لا توصف بأنها موقوفة ، بل تكون مراعاة ، وما يدل على صحتها كاشف ، والكاشف هو دليل على سبق العلة المؤثرة التامة. وأما الموقوف عليه فهو من تمام العلة ، أعني علة الصحة أو اللزوم ، ولهذا قال المصنف : ( ظهر صحة العفو ) (١).
هذا كلامه ، وأراد به بيان الفرق بين ما يمكن وقوعه موقوفا ، وما يمتنع فيه ذلك ، فنبه على أن ما كان عدميا ـ أي : المراد منه العدم ـ لا يوصف بكونه موقوفا ، والعفو عدمي ، لأن المقصود منه الإسقاط ، وهو إعدام ما في الذمة ، فيكون مراعى ، بمعنى أن انكشاف حاله يظهر بعد بزوال المانع من بقائه ، بخلاف الموقوف الذي بقي من علته التامة جزء لم يتحقق بعد.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٩.