ب : لو رد المقترض العين في المثلي وجب القبول وإن رخصت ،
______________________________________________________
الثاني : ـ وهو مسألة الكتاب ـ أن يختلفا في القصد ، وينبه على إرادته مع ما قلناه قوله : ( لأنه أبصر بنيته ).
ووجه الاحتمال الأول : أنّ الدافع أبصر بنيته ، فيكون القول قوله مع اليمين. ويشكل بأنه لا يلزم من كونه أبصر بنيته تقديم قوله بيمينه ، وارتكاب خلاف ظاهر اللفظ ، فان الواجب إنما هو استعمال الألفاظ في معانيها إذا جردت عن القرائن في الإيقاعات والعقود ، ولا يلتفت الى قول أحد المتعاقدين أنه لم يقصد مدلولها ، وإن كان القصد بحسب الواقع معتبرا ، إلا أن الظاهر أنه لم ينطق بها إلا وهو مريد لمعناها ، فلا يلتفت الى خلافه.
نعم لو شهدت قرينة كالإكراه وغلبة المرض سمع قوله بيمينه ، وسبق الوعد بالقرض في مسألتنا من هذا القبيل ، فلو اختلفا في القصد حينئذ قدم قول الدافع بيمينه ، عملا بالقرينة.
ولا يخفى أن لفظ التمليك المجرد عن رد العوض حقيقة في الهبة ومجاز في القرض ، لأنه جزء مفهومه ، لأن جزءه الآخر رد العوض ، وربما استدل بقوله عليهالسلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (١) ، وبأنّ الأصل بقاء الملك على مالكه ونحو ذلك. ولا دلالة فيه ، لأن ذلك كله مع عدم وجود ما يعد سببا ناقلا شرعا لا معه ، فيكون الاحتمال الأول أقوى.
قوله : ( لو رد المقترض العين في المثلي وجب القبول وإن رخصت ).
رخصت ـ بضم عين الفعل ـ معناه : نقصت قيمتها السوقية عما كانت ، مع بقاء العين بحالها ، وإنما يجب القبول ، لأن الواجب أمر كلي في الذمة ، والعين أحد افراده ، والتعيين الى من عليه الحق.
__________________
(١) سنن الترمذي ٢ : ٣٦٨ حديث ١٢٨٤.