ولو ضمن الثالث المتبرع بسؤاله رجع عليه دون الأصيل وإن أذن له الأصيل في الضمان والأداء.
ولو دفع الأصيل إلى الضامن أو المستحق فقد بريء وإن لم يأذن
______________________________________________________
القرعة ، لأن الواقع غير معلوم ، فهو أمر مشكل.
والذي يقتضيه النظر أن يقال : إن المبرئ إن صرح في عقد الإبراء بتعين الدين الذي يبرأ منه ، بحيث علم الضامن بذلك ، جاز حلفه على عدم سقوط الحق عن ذمة المضمون عنه ، وإلاّ لم يحلف على البت بل على نفي العلم ، لأن الاختلاف في فعل الغير ، ولا يتوجه اليمين على المبرئ أصلا ، فإذا حلف على نفي العلم ، انتفى المسقط للدين الذي في ذمة المضمون عنه ، فيتمسك بأصالة بقائه ولزوم كون الأداء عنه ، فيستحق الرجوع عليه حينئذ.
وفيه نظر ، لأن عدم علمه بالمسقط لا يقتضي عدمه ، وأصالة بقاء الدين زالت بالقطع بوجود مسقط أحد الدينين ، كما زال أصل الطهارة عما اشتبه فيه الطاهر بالنجس ، فإن الإبراء ثابت والمبرئ منه مشتبه ، على أن رجوع الضامن على الأصيل واستحقاقه الدين إنما يكون بأداء ما ضمنه ، وهو غير معلوم ، فيتمسك بأصالة عدم الاستحقاق ، ولا أرى هنا شيئا أوجه من القرعة.
قوله : ( ولو ضمن الثالث المتبرع بسؤاله ، رجع عليه دون الأصيل ، وإن أذن له الأصيل في الضمان والأداء ).
أي : لو ضمن شخص ما في ذمة زيد تبرعا ، ثم سأل الضامن عمرا أن يضمنه فضمنه ، رجع الضامن الثاني على ذلك الشخص بالمال المضمون به إذا أدّاه ، ولا يرجع على الأصيل ـ أعني : المضمون عنه أولا ـ وإن أذن الأصيل للضامن الثاني في ضمان الضامن المتبرع وفي أداء المال ، لأن ذمة الأصيل قد برئت بالضمان الأول ، ولم يبق في ذمته حق ، فلا أثر لإذنه في الضمان ولا في الأداء.
قوله : ( ولو دفع الأصيل إلى الضامن أو المستحق فقد بريء ).
هذا عود إلى أصل الباب ، أي : بعد صحة الضمان ، إذا دفع المضمون عنه