فحينئذ يجب تأخير ما تصرف فيه ، فإن قصر الباقي أبطل الأضعف كالرهن ، والهبة ، ثم البيع والكتابة ، ثم العتق ،
______________________________________________________
بقاء ملكه إلى حين الأداء إلى الغرماء ، ويعضده ظاهر قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ، ( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٢) ، ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) وأمثال ذلك من عمومات الكتاب والسنة ، وفي هذا قوة.
واعلم : أن تقسيم ما صادف المال في الحال من التصرف إلى : ما مورده العين ، وما مورده الذمة غير مستقيم ، إذ مورد القسمة غير مشترك بين القسمين ، فان ما مورده الذمة ليس مصادفا للمال في الحال قطعا ، فإن البيع بثمن في الذمة كالصداق في النكاح إذا كان في الذمة ، وأمثال هذين لا تعلق لهما بالمال الموجود عند الحجر ، ولا يعد تصرفا فيه كما لا يخفى ، فلا تكون العبارة مستقيمة.
قوله : ( فحينئذ يجب تأخير ما تصرف فيه ، فإن قصر الباقي بطل الأضعف كالرهن والهبة ، ثم البيع والكتابة ، ثم العتق ).
أي : فحين حكمنا بكون التصرف موقوفا إلى أن ينظر ـ هل تفضل العين التي تعلق التصرف بها أم لا ـ يجب تأجير ما تصرف فيه ، فلا يباع ولا يسلم إلى الغرماء إلى أن لا يبقى غيره من أموال المفلس ، فان قصر ما سواه عن الوفاء وكان التصرف متعددا بطل الأضعف ، ثم ما يليه في الضعف.
وعلى هذا فلو اجتمعت من التصرفات الأنواع المذكورة ، بطل الرهن والهبة ، لأنهما أضعف من الباقي ، باعتبار جواز الرهن من جانب المرتهن ، وكون الهبة موضوعة على الجواز ، ثم البيع والكتابة ، لأنهما وإن كانا لازمين من الطرفين ، إلاّ أن العتق لكونه في نظر الشارع على التغليب ، ولهذا كان من خواصّه السراية ، ولا يبعد على هذا أن يكون الوقف بمنزلة العتق ، لأنّ كلا منهما لا يقبل الفسخ ،
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) النساء : ٢٩.
(٣) البقرة : ٢٧٥.