ولذا لو كان مرضا مهما ويكون الاختلاف في تشخيص المرض بين الحاذق والأحذق فمسلّما يرجع الناس بمقتضى العقل الى الأعلم ، ومحلّ كلامنا في التقليد الى هذه الصورة ، يعني بعد أهمّية الأحكام الشرعية وكون الأعلم أعرف بكشف الأحكام قهرا ووجود الاختلاف بينهما ، فلا إشكال في حكم العقل بالرجوع الى الأعلم وعدم الرجوع الى غير الأعلم.
فظهر لك أنّ في باب التقليد لا بدّ من الأخذ بقول الأعلم والحيّ ؛ لأن في الحيّ أيضا يمكن أن يصل الحيّ الى ما لم يصل الميت ، فيحكم العقل بالرجوع الى الحي ولو بقي الجاهل شاكّا في أنّه يجب عليه تقليد الأعلم الحيّ ، أو يكفي غير الأعلم ، أو يكفي تقليد المجتهد الميّت فأيضا لا بدّ له من الأخذ بالقدر المتيقّن ؛ لأنّ هذا أيضا مقتضى حكم العقل ، فإنّه بعد اشتغاله بتكاليف لا يدري بأنّ الاعتماد بأيّ طريق كاف فقدر المسلم تقليد الحيّ الأعلم وغيره يكون مشكوكا. هذا كلّه في حكم المقلّد بالكسر.
وأمّا البحث من جهة علمية يعني ما تقتضيه الموازين العلمية بحيث يكشف حقّ المطلب لنا فنقول : يقع الكلام في أمرين :
الأمر الأول : في أنّه هل يجب تقليد الأعلم ، أو لا؟ ونقول بإيجاز : إنّ اعتبار الأعلم مسلّم بمقتضى حكم العقل ، ولا نحتاج الى غير ذلك ، فكلّ من يراجع عقله يفهم أهمّية المورد لان مورد التقليد كما قلنا هو فهم الأحكام الشرعية من المجتهد ، ووجود الاختلاف بين الأعلم وغير الأعلم يصدق أنّ تقليد الأعلم واجب ، بمعنى أنّه يجب كون المقلّد ـ بالفتح ـ أعلم وإن شككنا في ذلك نحن أيضا كالمقلد ، فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الحكم بوجوب تقليد الأعلم ، لأنّه بعد ثبوت التكليف لا تبرأ الذمّة إلّا بالرجوع الى المجتهد الأعلم ، ولا حاجة الى ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله من الردّ والإيراد في المقام.
وما ورد في تفسير الإمام يعني الحسن العسكري عليهالسلام من قوله : «فللعوام أن