راجعا الى ما ذكرنا من أن استصحاب الأحكام لا بدّ وأن يكون له نتيجة عملية وعمل خارجي ، وإلّا لا معنى للاستصحاب ، فمراد الشيخ رحمهالله هو : أن استصحاب عدم التكليف إن كان لرفع أثر الشك الذي كان للمكلف من أنّه هل تعلق التكليف بالمشكوك أو لا؟ فنفس الشكّ رافع لهذا الاحتمال ، إذ البراءة بمجرد الشك تنفي التكليف ، ولا مجال للاستصحاب ، كما قال بذلك في أول الظنّ في الشك في الحجية بأنّ صرف الشك كاف لعدم الحجية ولا حاجة الى الاستصحاب ، وقلنا بأنّ كلامه في محلّه. وإن كان لرفع العقاب فالعقاب وعدمه ليس نتيجة عملية وعملا خارجيا للاستصحاب وراجعا الى المكلف ، فليس لهذا الاستصحاب عمل في الخارج ، فلا مجال لجريانه ، وليس كلامه راجعا الى أنّ لهذا الاستصحاب أثرا حتى يستشكل عليه المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ له الأثر ، وهذا ـ أعني ترتب العقاب وعدمه ـ أثر ، فلا مانع من جريان الاستصحاب ، فإنّه ولو نقول بكون هذا أثرا وأنّ العقاب وعدمه ولو كان بحكم العقل لكن يثبت ويرفع بالاستصحاب لكونه أثرا له ، ولكن مع ذلك حيث لم يكن لجريان الاستصحاب عمل في الخارج للمكلف وراجع اليه فليس لجريانه مجال ، فكلام الشيخ رحمهالله في غاية المتانة ، ووجه اشتباه المحقّق الخراساني رحمهالله كان من ظاهر كلام الشيخ رحمهالله ، حيث قال ما مضمونه : إن ترتب العقاب وعدمه ليس هو أثر الاستصحاب ، فتوهّم المحقّق الخراساني رحمهالله في ذكر الأثر هو في الأثر الاصطلاحي الذي يعتبر في جريان الاستصحاب ، فاستشكل عليه بأنّ هذا أثر له.
وقد ظهر لك أنّ مراد الشيخ رحمهالله هو ما قلنا من أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون له عمل خارجي راجع الى المكلف ، فتدبر.
التنبيه الثامن :
اعلم أنّه بعد كون الحكم في الاستصحاب بعدم نقض اليقين بالشك فلا بدّ فيه