بذلك للاحتمالات ، بل يأخذون بما هو ظاهر اللفظ لا يكون استفادة مراد المتكلم من اللفظ قطعيا ، بل يوجب هذه الاصول الظنّ ويكون الظاهر مرادا للمتكلم ، وهذا هو الذي يقال بأنّ الظنّ النوعي الحاصل من ظهور الألفاظ يكون حجّة.
فظهر لك مما قلنا : أنّ للعقلاء في ظواهر الألفاظ بناءين :
الأوّل : بناء المتكلّمين ، وأنّ المتكلّمين إذا كان بناؤهم التّفهيم والتفهّم ، وأن الألفاظ يمكن استعمالها في غير ما هو ظاهر فيها ، فاذا كانوا في صدد بيان مراداتهم ويستعملون اللفظ فلو كان غير ظاهر اللفظ مرادا لهم فلا بدّ لهم من نصب القرينة ، وإلّا لأخلّوا بالغرض ، فعلى هذا في هذا المورد لو علم هذه المقدمات يكون ظاهر اللفظ مرادا للمتكلم قطعيّا ، ولا إشكال فيه.
الثّاني : هو بناء المخاطبين ، وأنّ بناء المخاطبين من العرف في محاوراتهم هو : أنّه إذا ألقى المتكلّم اللفظ فمع احتمال عدم كونه في صدد البيان ومع احتمال كون ظاهر اللفظ غير مراد له واحتمال كون عدم نصب القرينة لأجل النسيان أو أنه نصب ولم يبلغ بأيدينا يحكمون بمقتضى الأصل كون المتكلم في صدد البيان ، وأن الاصل عدم النسيان ، وأنّ الاصل عدم القرينة ، وأنّ ظاهر اللفظ مراد للمتكلم ، ويحصل الظنّ النوعي على كون ظاهر اللفظ مرادا له ، فعرفت أنّ هنا بناءين : أحدهما للمتكلمين ، والآخر للمخاطبين ، ففي الأول يكون ظاهر الكلام مرادا قطعا ، وفي الثاني يكون ظاهر الكلام مرادا لا بالقطع ، بل يحصل الظنّ النوعي على كون ظاهر اللفظ مردا للمتكلم.
فقد ظهر لك ممّا قلنا : أنّ بناء المتكلّمين هو أنّهم لو كانوا في مقام التفهيم ولم ينصبوا قرينة على خلاف ظاهر كلامهم على كون الظاهر مرادهم قطعا ، وبناء المخاطبين على أنّ المتكلم لو صدر منه لفظ وشكّوا في كونه في مقام البيان ، أو شكّوا في كون ظاهر كلامه غير مراد له ويكون عدم نصب القرينة إمّا لأجل الغفلة ، أو لأنّه