بيّنه واختفى على العباد ، فلا يمكن التمسّك بها للمطلوب.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذه الرواية متعرّضة لجهة اخرى ، ويظهر بعد المراجعة للأخبار ، حيث إنّ في اصطلاح الأخبار يكون العلم على قسمين : علم محجوب ، وعلم مبذول ، وتارة يعبّر عن الأول بالغيب ، فعلى هذا كأنّ المراد من الرواية أنّ العلم الذي حجبه الله عن العباد هو نفسه موضوع عنهم ، وواضح أنّ في بعض الأشياء حجب الله علمه عن الخلق إمّا من جهة عدم قابلية الخلق ، وإمّا من جهة عدم قابلية المعلوم ، وعليه فهذه الرواية تدلّ على أنّ ما حجب الله علمه لا يلزم على الناس التفحّص والتكلم فيه ، كالعلم بكنه الباري ، أو العلم بالقضاء والقدر ، كما يظهر ذلك من خطبة الأمير عليهالسلام في باب القضاء والقدر ، فعلى هذا لا تكون الرواية إلّا في مقام بيان ذلك.
ومن الأخبار التي تمسّكوا بها : قوله عليهالسلام : «إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم».
وجه الاستدلال هو : أنّ ما لم يعرف لا يمكن الاحتجاج به.
قال الشيخ رحمهالله : إنّ هذا ممّا لا ينكره الأخباريون ، وكان نظره بأنّ الأخباريّين يدّعون التعريف ، وأنّه أوجب الاحتياط ، ولكنّ هذه الرواية لم تكن دالّة على المطلب ، ولم تكن مربوطة بالمقام أصلا ؛ لأنّ في الرواية ما يدلّ على عدم ارتباطه بالمقام ، حيث قال قريب من هذه المضامين : «إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرفهم ، ثمّ أرسل إليهم رسولا ، وأنزل اليهم الكتاب فيه أمر ونهي». فعلى هذا كانت الرواية متعرّضة لجهة اخرى وهي الاصول ، لا الفروع التي هي محلّ بحثنا ؛ لأنّ محلّ بحثنا يكون بعد إرسال الرسول وإنزال الكتاب والأمر والنهي ، ثمّ الشكّ فيهما ، فكيف يمكن التمسك لذلك بما كان مقدما عليه بمراتب؟ فافهم.
ومن الأخبار المتمسّك بها : قوله : «أيّما أمرى ركب أمرا بجهالة فلا شيء