في العلم الإجمالي بأحكام الشريعة ، كما لا اشكال في وجود أحكام في مؤدّى الطرق والأمارات ، وكما لا اشكال في أنّه في كلّ ما يكون علم إجمالي ثمّ علم تفصيلا ببعض ينحلّ العلم الإجمالي الأول وينطبق على المعلوم التفصيلي ، وكذلك لو حصل علم إجمالي آخر بعد العلم الإجمالي الأول ويكون دائرته أضيق من العلم الإجمالي الأول فأيضا ينحلّ العلم الإجمالي الأول وينطبق على العلم الإجمالي الثاني ، مثلا لو علم بكون الخمر في أحد من عشرة أوان ، ثمّ علم إجمالا بكون الخمر في أحد من خمسة أوان من هذه الأواني العشرة فيحمل العلم الإجمالي الأول على الثاني وينطبق عليه ، ولازمه الاحتياط في خصوص أطراف العلم الإجمالي الثاني ، وهذه الكبريات الثلاث لا إشكال فيها ، إنّما الإشكال في المقام من جهتين :
الجهة الاولى : أنّه بعد العلم الإجمالي بتكاليف الشريعة يجب بمقتضى هذا العلم الإجمالي الاحتياط في أطرافه ، ولكن نعلم أيضا بوجود واجبات ومحرّمات ، أعني تكاليف في مؤدّيات الطرق والأمارات ، ويكون الإشكال في أنّه هل تكون المعلومات في الطرق والأمارات بمقدار العلم الإجمالي الأول حتى ينحلّ العلم الإجمالي الأول الى علم تفصيليّ أم لا؟ مثلا نعلم بثبوت ألف حكم في الدين إجمالا ، ونعلم أيضا بأحكام في مؤدّيات الطرق والأمارات ، لكن يكون الإشكال في أنّ مقدار معلوم الثاني يعني ما يكون في الطرق والأمارات هل يكون بمقدار معلوم الاول ، أم لا؟ فإن كان الإشكال في هذه الجهة فنقول : إنّه لا إشكال بأنّا نعلم بأحكام في مؤدّيات الطرق والأمارات بمقدار معلوم الأول ، فنعلم مثلا بألف حكم في مؤدّيات الطرق والأمارات ، فينحلّ العلم الإجمالي الأول بلا ترديد ، فتدبر.
الجهة الثانية : وهي التي تعرّض لها الشيخ الأنصاري أعلى الله مقامه : بأنّه ولو نعلم بأنّ كلّ مقدار نعلمه بالعلم الأول يكون في مؤدّيات الطرق والأمارات ، ولكن ما نعلمه أولا إجمالا هو أنّ في الشريعة تكون أحكام واقعية ، فنعلم إجمالا