فصل
في الاجتهاد والتقليد
لا يخفى عليك أنّ الاجتهاد لو قيل بإفادته معنى الحدثي وصرف الحدث فيكون الاجتهاد عبارة عن استفراغ الوسع لتحصيل الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية ، ولو قيل بكون الملكة مأخوذة فيه فهو عبارة عن الملكة التي بها يتمكّن الشخص من تحصيل الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية.
والحقّ أنّ الملكة ليست مأخوذة في نفس لفظ «الاجتهاد» وإن كانت مأخوذة في بعض اشتقاقاته ، كالمجتهد ، فإنّ في بعض الموارد تأتي الملكة وتأخذ بعض المشتقّات بمناسبة الاشتقاق ، والحال أنّها ليست مأخوذة في المصدر ، والاجتهاد من هذا القبيل.
وعلى أيّ حال فالاجتهاد المصطلح عندنا هو هذا الذي بيّنّاه من أنّه عبارة عن استفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية ، أو ملكة ذلك.
فهذا المعنى غير الاجتهاد المصطلح المتعارف عند العامة ، حيث إنّهم يتخيلون بأنّ الاجتهاد عبارة عن استفراغ الوسع لتحصيل الحكم لا من الأدلة الشرعية فقط ، بل من القياس والاستحسان أيضا ، كما يظهر ذلك من كلماتهم ، وهذا الاجتهاد اجتهاد باطل ، وليس ثمرته إلّا اندراس آثار الدين والعمل بما تقتضيه آراؤهم