الجاهل مسلّما ، بل إجماعا ، وهي : الذكورة والبلوغ والعدالة ، وهذه الثلاثة لا إشكال في دخلها ، ويبقى أمران آخران وهي :
الأول : هل يجب كون المجتهد أعلم ، أو لا؟
الثاني : هل يجب أن يكون حيّا ، أو لا؟
اعلم أولا : أنّ الكلام في هذين الأمرين تارة يكون من باب بيان تكليف الجاهل المقلّد ، وأنّه ما يصنع وما يكون تكليفه بنظره؟ وتارة يكون الكلام في الجهة العلميّة ، يعني ما هو الحقّ بمقتضى الموازين العلمية لنا.
فنقول : أمّا المقلّد ـ بالكسر ـ فكما قلنا لو علم بمقتضى عقله أنّ الشرطين يعني الأعلمية والحياة معتبران في المجتهد المقلّد كما هو الحقّ بمقتضى حكم العقل ؛ لأنّه بعد ما يرى أنّ الأعلمية موجبة لكشف الأحكام أحسن من كشف غير الأعلم ، كما أنّك ترى بأنّ حذاقة الطبيب وكونه أشدّ حذاقة من الآخر مؤثرة في الطبابة كاملا ، والعقل يحكم حين الابتلاء بالمرض برجوعه اليه مسلّما كذلك في العالم يحكم العقل بالرجوع الى الأعلم ؛ لأنه أعلم في كشف الأحكام.
وما توهّم من أنّا نرى أنّ الطبيب مثلا يوصي المريض بالمراجعة مع وجود الحاذق ، وهذا شاهد على عدم حكم العقل باختيار الأحذق في مقابل الحاذق ، واختيار الأعلم في مقابل العالم مع كون كلّ منهما حاذقا وعالما ، غاية الأمر أحدهما أحذق وأعلم من الآخر ليس في محلّه ، وينبغي أن لا يتشطّط ذهن العوام بذلك ؛ لأنّ ما يرى من الأخذ بحاذق في الطبّ مع وجود الأعلم يكون من باب المسامحة في الامور الغير مهمّة ، مثلا من صار مبتلى بوجع رأس مختصر غير ذي أهمية فيه يرجع الى الحاذق مع وجود الأحذق لعدم أهمية المرض ، وأنّ مع عدم الأهميّة يتسامحون في ذلك ، ولذا ربّما يرجع الى غير الطبيب أيضا ممّن يكون له تجربة ، وهذا كلّه من المسامحة في الامور غير المهمّة ، لا من باب عدم فرق عند العقل بين العالم والأعلم ،