ما قلناه من عدم علمك بالملازمة ، وأمّا الطّبيب فبمجرّد علمه بالحرارة يعلم بالحمّى لعلمه بالملازمة. ولا إشكال أيضا بأنّ العلم بالملزوم يتولّد من العلم باللازم لو كان العلم أوّلا باللازم ، أو لو كان العلم أولا بالملزوم يتولّد منه العلم باللازم ، لأنّك بسبب علمه صرت عالما بالآخر.
فاذا فهمت حال العلم لا إشكال بأنّ الأمر في الظنّ أيضا كذلك ، فلو حصل لك الظنّ بالنار يحصل لك الظن بوجود الإحراق أيضا ، لكن كما قلنا مع علمك بالملازمة فبصرف الظنّ باللازم يتولّد الظن بالملزوم ، وبالعكس مع العلم بالملازمة ، وهذا واضح ، فلو كان دليل دالّا على حجية مطلق الظن ، مثلا إذا ظننت بأحد المتلازمين كما يجب عليك الأخذ به كذلك لا بدّ من أخذك بلازمه ، لأنّه أيضا صار مظنونا لك للظنّ الذي تولّد من الظنّ بأحدهما.
وأمّا لو كانت الحكاية أو الإخبار عن اللازم أو الملزوم فلا يوجب الإخبار به الإخبار والحكاية عن الآخر ، لأنّه لم يخبر إلّا بأحدهما وإخباره بأحدهما ليس إخبار بالآخر ، فلو دلّ الدليل على الأخذ بما يخبر أو ما يحكي والمخبر لم يخبر إلّا عن أحدهما فليس هذا إخبارا بالآخر ، ولذا لم يمكن الأخذ بالآخر ، والشاهد على عدم كون إخباره بأحدهما إخبارا بالآخر هو : أنّه في بعض المواقع يمكن أن يصرّح المخبر بعدم إخباره عن الآخر ، ففي هذه الصورة لا إشكال في عدم كون إخباره بأحدهما إخبارا بالآخر ، وحيث إنّ الجهات العقلية غير قابلة للتفكيك فواضح أن إخبار المخبر عن أحدهما في صورة عدم تصريحه بعدم إخباره عن الآخر أيضا ليس إخبارا إلّا عن أحدهما دون الآخر.
اذا عرفت ذلك فما قيل في توجيه الفرق بين الأمارات والأصول وجوه :
الوجه الأول : وهو مختار المحقّق الخراساني رحمهالله وهو : أنّ في الأمارة يكون إخبار المخبر منحلّا إلى إخبارات ، فهو وإن كان مخبرا عن اللازم ولكنّ هذا الإخبار ينحلّ الى إخبارات وحكايات ، فهو إخبار عن اللازم والملزوم ، ودليل اعتبار