وجوب دفع الضرر المحتمل هو دفع الضرر ، أعني العقاب في مورد الاحتمال ، فما كان حكم العقل هو دفع العقاب في مورد الاحتمال.
وبعبارة اخرى : بكلّ جهة يكون الاحتمال فهو يكون له بيانا ، وأنّ الاحتمال على تقدير موضوعيته يكون بيانا لكلّ جهة تعلّق به الاحتمال ، والاحتمال تعلق بالضرر ، والضرر في محلّ الكلام يكون هو العقاب ، فعلى هذا تعلّق الاحتمال بالعقاب ، فلو كان الاحتمال بيانا يكون بيانا للعقاب ، لا أن يكون بيانا للواقع المجهول ، والواقع المجهول ولو كان ملازما مع العقاب لكن ما يكون بيانا للعقاب لا يكون بيانا للواقع المجهول ، لأنّ هذا لازمه ، ولا يثبت به اللازم ؛ لأنّ الأصل لا يكون كافيا في إثبات لوازمه ، كما ترى في باب الاستصحاب ، وأنّه لو فرضنا أنّه يمكن استصحاب العقاب فلو كان سابقا عقاب متيقّن ونستصحبه في زمان الثاني فإنّه لا اشكال في عدم إثبات الحرمة بمجرد استصحاب العقاب ، والشيخ رحمهالله في هذا المقام كان نظره الى ما قلنا.
فعلى هذا على تقدير ثبوت القاعدة تكون قاعدة كلّية ظاهرية ولا تكون مربوطة بالواقع المجهول ، بل على تقدير احتمال العقاب وجريان القاعدة يجب دفع العقاب بمقتضى حكم العقل ، سواء كان في مورده الواقع أو لا ، فلو فرضنا أنّه لم يكن واقع في البين ولكن مع ذلك لو خالف الاحتمال يقع في العقاب ، وهذا شاهد على عدم مدخليته بواقع المجهول ، وعلى هذا لا يرد ما أورده بعض كالمحقّق الخراساني رحمهالله من أنّه لا بدّ وأن يكون إرشاديا ؛ لأنّه كما قلنا يكون الاحتمال منجّزا للعقاب ، لا للواقع المجهول حتى يكون إرشاديا.
ولا ما أوردناه عليه من أنّه يكون مع ذلك بيانا للواقع المجهول كما تكون أوامر الاحتياط بيانا ؛ لأنّه لا يكون الاحتمال إلّا منجزا للعقاب ، وهذا غير مربوط بالواقع المجهول.