فبمجرّد عدم الإتيان في بعض الزمان لا يحصل العصيان ، كما يكون الأمر كذلك في الواجب التخييري بين الأفراد.
فعلى هذا نقول : إنّه على تقدير عدم الإتيان بالواجب الموسّع في أول زمان وجوبه ما حصل العصيان ؛ لأنّه يمكن له الإتيان في زمان الثاني ، والصلاة وإن كان الأمر بقضائها بأمر أول فلازمه هو كون زمانها موسّعا ، فعلى هذا في الزمان الأول لو فرضنا أنّه كان عالما بالتكليف ولم يأت بها إلّا أنّه لا عصيان لما قلنا ، وفي الزمان الثاني بهذا الحال الذي يكون شاكّا في الإتيان وعدمه لا يكون التكليف به منجّزا ؛ لأنّه جاهل بالإتيان وعدمه ، فحيث إنّه يحتمل إتيانه بالواجب فالتكليف في هذا الحال غير منجّز عليه ، وفي زمان العلم وإن كان منجّزا عليه إلّا أنّه على تقدير عدم الإتيان لا يكون معاقبا ، لما قلنا من أنّ العقاب في الواجب التخييري والعصيان لا يحصل إلّا بعدم الإتيان بالمكلف به في جميع أزمان التكليف. هذا اذا كان المشكوك فوته واجبا موسّعا.
وأمّا لو كان ما احتمل فوته واجبا مضيّقا مثل إفطار الصوم فإنّه بمجرّد الإفطار حصل العصيان ، ففي هذا الفرض نقول بأنّه يكفي لعدم وجوب القضاء أوامر التوبة ، لأنّه ولو عصى لكن اذا تاب غفر الله تعالى له فبالتوبة يرتفع الضرر.
وإن قلت : بأنّ التوبة لا بدّ في قبولها أن يؤدّى حقّ الله ، أو حقّ الناس الذي كان عليه.
فنقول : إنّه أمّا على ما قاله العلامة رحمهالله من أنّ التوبة تحصل بمجرّد الندم ويرتفع عقاب ما ترك أو أتى به ولكن حقّ الله أو حقّ الناس واجبان آخران ليس لهما مدخلية في حصول التوبة ، بل وجوب أدائهما يكون بأمر آخر ، وإن لم يؤدّ عصى الأمر المتعلق بهما ، وإلّا فالتوبة عن الذنب غير مشروطة بهما ، فلا إشكال في حصول التوبة ، فارتفع احتمال الضرر بالتوبة.
وإن قلنا : إنّ حصول التوبة عن الذنب مشروط بأداء ما وجب عليه من