بها ، فهم لا يجوّزون تقليد الميت ، بل يقولون بعدم جواز التقليد أصلا ، ولكن يأخذون بفتوى بعض لا من باب التقليد ، ومع قطع النظر عن الإجماع الذي قلنا على عدم جواز تقليد الميت ابتداء لا إشكال في كون تقليد الحيّ بالقدر المتيقّن ، ولا ندري بأنّ تقليد الميت أيضا كاف كتقليد الحي ، أو لا يكفي ذلك؟ ومع الشك كما قلنا لا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقن ، لأنّ بالأخذ بالقدر المتيقن يرتفع الاشتغال.
وقد يتمسّك لجواز تقليد الميت بالاستصحاب ، والتمسّك بالاستصحاب تارة يكون في المسألة الاصولية ، بمعنى الاستصحاب في أصل بقاء جواز التقليد ، مثلا كان العلّامة رحمهالله سابقا في زمان حياته فمن كان يجوز تقليده فنستصحب هذا الجواز.
وتارة يكون التمسّك بالاستصحاب في المسألة الفرعية ، بمعنى كشف الحكم الشرعي ، مثلا كان سابقا القراءة في الصلاة واجبة برأي العلّامة رحمهالله من زمان حياته فيستصحب ذلك بعد مماته ويقول ببقاء وجوب القراءة ، ومن بقاء حكم المستصحب يحكم بالملازمة ببقاء التقليد وجواز البقاء عليه.
ولا يخفى عليك أنّ الاستصحاب الأول ـ يعني الاستصحاب في المسألة الاصولية ـ لو كان جاريا يجري في كلتا الصورتين ، يعني في صورة الشك في جواز تقليد الميت ابتداء ، وفي صورة الشك في البقاء على تقليده ، لأنّه لو كان استصحاب الجواز جاريا ففي تقليد البدوي يقول بأنّ هذا الشخص سابقا كان جائز التقليد فنستصحب هذا الجواز ونحكم بجواز تقليده ، وفي بقاء التقليد يقول أيضا : كان سابقا جائز التقليد فنحكم ببقاء جواز تقليده ببركة الاستصحاب.
وأمّا الاستصحاب الثاني ـ يعني الاستصحاب في المسألة الفرعية ـ فهو مختصّ بصورة البقاء ، لأنّ في هذه الصورة يصحّ أن يقال : كانت القراءة ـ مثلا ـ واجبة سابقا بمقتضى فتوى العالم الذي مات فعلا ، والحال أيضا نحكم ببقاء هذا الوجوب بالاستصحاب.