بالعمل إلّا أنّه لا من حيث ذاته بل لأجل عنوان آخر وهو الانقياد ، فلو كانت الروايات ناظرة الى الجهة الاولى وأنّ الثواب على ذات العمل لا لأجل خصوصية طارئة عليه يكون العمل مستحبا ، وأمّا لو كانت أخبار من بلغ متعرّضة للجهة الثانية يعني أنّ الثواب يكون مترتبا على العمل لمقارنته مع الانقياد بمعنى أنّ الثواب يكون على الانقياد فلا يكون العمل مستحبا ، ومن أين استظهر بأن أخبار من بلغ متعرّضة للجهة الاولى؟
وإنّا وإن لم نقل بأنّ الأخبار متعرّضة للجهة الثانية ، وتكون في مقام بيان نفس الرجاء ، والانقياد موجب للثواب ، ويكون لسانها لسان أخبار الاحتياط ، ويكون الثواب على الانقياد ، ولكن ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّه لم يستفد من الأخبار أن يكون العمل بداعي الرجاء والانقياد وبما هو احتياط ، والحال أنّه في الاحتياط لا بدّ من العنوان ، وأن يكون إتيان العمل بداعي وبعنوان الاحتياط لا وجه له ؛ لأنّه من أين يلزم ذلك ولم يلزم العنوان في الاحتياط؟ فلا أقلّ من أنّه تتردّد الأخبار بين الاحتمالين المتقدمين.
وأيضا لا يمكن القول باستحباب العمل ، لأنّه من المحتمل أن يكون الثواب على انقياده وكونه بصدد الإطاعة ، فلا يمكن الالتزام بالاحتمال الثالث الذي اختاره المحقّق الخراساني رحمهالله ، فيدور الأمر بين الاحتمال الثاني وهو أن تكون الأخبار متعرّضة لحيث الثواب على الانقياد ، وبين الاحتمال الرابع وهو أن تكون أخبار من بلغ متعرضة لجهة تحديد الثواب ، وأنّ الثواب المحدود يعطيه وإن لم يكن لذلك الثواب المحدود واقع ، وبعد الدوران بين هذين الاحتمالين لا بدّ من اختيار الاحتمال الرابع ، حيث إنّ المستفاد من الأخبار هذا الاحتمال ؛ لأنّه ما من رواية واردة في الباب إلّا وكلمة الثواب أو الشيء أو الخير فيها يكون بلفظ النكرة كما في قوله : شيء من الثواب ، ففرض أصل الثواب ويكون الكلام في مقداره ، أو قال : شيء من الخير.