الاجتناب عنه ، فمتعلّق العلم يكون وجود الخمر فليس العلم مأخوذا موضوعا لهذا المتعلق وإثبات هذا المتعلق ، بل هذا العلم ـ أعني العلم بوجود الخمر ـ يكون موضوعا لحكم آخر وهو وجوب الاجتناب ، ومنشأ إشكال النائيني رحمهالله يكون هو تخيل أن في الصورة التي يكون فيها العلم موضوعا هو كونه موضوعا لإثبات نفس متعلّقه ، فقال : «إنّ ذلك موجب للتناقض» ، وإن كان الأمر كذلك صحّ ما قاله ، ولكن من الواضح فساد ذلك بل ومن أوضح الواضحات ، كما يظهر من كلام الشيخ رحمهالله بأنّ العلم في صورة الموضوعية يصير موضوعا لحكم آخر غير متعلّقه ، فعلى هذا لا يلزم إشكال أصلا ؛ لأنّ العلم ولو اخذ موضوعا بما هو طريق لكنّه طريق لاثبات متعلّقه وموضوع لإثبات حكم آخر ، فلا يكون طريقا وموضوعا بالنسبة الى موضوع واحد حتى يلزم التناقض ، فظهر لك فساد هذا الكلام.
وقال نظير هذا الإشكال في الاستصحاب أيضا في ردّ التمسّك ب «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه» للحكم الواقعي والظاهري بعدم إمكان ذلك ، لأنّه لا بد من أخذ أحدهما طريقا الى الواقع والآخر موضوعا ، وهذا غير ممكن ؛ لأنّ بينهما الطولية حيث إنّ حلّية الظاهرية في طول حلّية الواقعية فلا يمكن لحاظهما عرضا ، وقد قلنا بفساد هذا الإشكال ؛ لأنّ العلّة والمعلول ولو أنّ بينهما الطولية بحسب الوجود ولكن لا مانع من أن يعرض بعد ذلك حكم لهما عرضا ، كما ترى أنّ الابن معلول الأب وجودا ولكن بعد الوجود قابلان لحكم عرضا ، ولا مانع من ذلك ، فكذلك ولو أنّ بين الحكم الواقعي والظاهري تكون الطولية ولكن بلحاظ آخر يمكن أن يعرض عليهما حكم واحد.
ثمّ بعد ما ظهر لك من أنّ أقسام العلم خمسة لا بدّ من فهم الفرق بين الأقسام وبيان المراد منها :
أمّا العلم الطريقي فمعناه واضح فليس فيه إلّا جهة الإراءة والكشف.
وأمّا العلم الموضوعي فلا بدّ من الفرق بين قسميه ، وهو ما إذا كان موضوعا