من نصب القرينة ، وإلّا لأخلّ بغرضه ، وهذا قبيح.
ولو كان له طريقة اخرى غير طريقة العرف فلا بدّ من الإعلام ، إذ كما قلنا في باب الاستصحاب : يكون مورد الكلام ممّا يكفي فيه عدم الردع ، حيث إنّ المقام يكون ممّا بيد العرف ، فلو كان للشارع طريق غير طريق العرف لا بدّ له من البيان ، فما لم يبلغ طريق خاصّ منه لا بدّ من أن يعامل مع كلماته معاملة طريقة العرف ، إلّا أن يبيّن طريقا خاصّا مثل بعض الألفاظ التي جعلها حقيقة في المعاني الخاصّة ، كالصلاة مثلا على القول بثبوت الحقيقة الشّرعيّة وما لم يبيّن طريقا خاصّا نأخذ بظهور كلامه كسائر ظهور كلمات المتكلمين ، فعلى هذا الإشكال في أنّ بناء العرف يكون في محاوراتهم على ذلك بأن يبيّنوا مرادهم بالألفاظ ، والألفاظ ، وإن كانت موضوعة لمعان إلّا أنّه يمكن استعمالها في غير معانيها بالقرائن ، بل على ما قلنا : إنّ مناسبة المجازات مع معاني الحقيقة يكون بالوضع أيضا ، وقلنا : بأنّ ما قاله المحقق الخراساني رحمهالله من أنّ صحة استعمال اللفظ فيما يناسب مع ما وضع يكون بالطبع ليس في محلّه ، بل يكون بالوضع ؛ لما قلنا من أنّ الواضع اذا وضع اللفظ الفلاني للمعنى الفلاني ويلاحظ ثمّ استعمل كما يلاحظ الموضوع له كذلك يلاحظ ما يناسبه ، بل قلنا بأنّ الواضع ولو بنى فرضا على عدم لحاظ ذلك يستفاد قهرا كذلك صحة مناسبة الاستعمال وضعا ، كما ترى أنه لو نصب أحد علامة على بابه كي يعلم الناس أنّ في داره مجلس عزاء الحسين عليهالسلام فلا إشكال في أنّه لم يضعه إلّا لذلك ، ولكن مع ذلك يمكن أن يقال من كان داره في مقابل هذه الدار : إنّ داري في مقابل الباب الذي عليه العلامة ، فعلى هذا صحّة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له يكون بالوضع ، غاية الأمر لو ألقى المتكلم اللفظ ولم يعيّن قرينة يكون ظاهرا في معناه الحقيقي ، ولا بدّ من الحمل عليه ، وإن عيّن قرينة يكون ظاهرا في معناه المجازي ، واذا علم بعدم إرادة المعنى الحقيقي فإن كان له ظهور في المعنى المجازي من بين المجازات فهو يتعين ، وهذا معنى ما قالوا من أنّ أقرب المجازات يتعيّن.